الخيال الواسع هُو الاستِحقاق الأمثَل للقصص التي يتمّ روايتها للأطفال، ونعلمُ عِلم اليقين بأنّ كتابة قصة خيالية قصيرة جدا شيء في غاية الرّوعة والجمال، فهو يَرسم الخيال في ذهن من يسمعه، بل إن التوضيحات التي تخُصّ هَذا الخيال معلومة وتحتاج إلى من يُثريها بالكثير من القصص الجميلة، وقَد تمّ إصدار الكثير من المعارض التي تحتوي على كتب فيها قصص عديدة ومميزة وكل قصة فيها إثارة للذهن تختلِف عن الأخرى، ومن أجل توضيحات أكثر كُنّا قَد كتبنا لكم قصة خيالية قصيرة جدا صالحة للكبار وللصغار.

قصة خيالية قصيرة جدا للتعبير

التعبير عمّا يجول في النّفس شيء لا يقدر عليه الكثِير من الأفراد، ونعلم كذلك في ذات المقام بأنّ القصص لها مردُود نفسي كبير والدليل هو الشعور الذي سوف ينتابُك حين قراءة ما يلي.

“اذا أردت الموت فقف بجانب طفل”

“أغمضوا عينيها واغسلوا وجهها الصغير من دم شَوه قسمات وجهها بماء بارد ,أطرافها المبتورة وجسمها المتهتك وكل ذلك اخفوه جيداَ داخل الكفن لألى تثار عاطفة أمها
أمها ؟؟
ولكن أمها منذ أيام شُيعت ودفنت..
لا مشكلة .. ها هي الطفلة لمن أراد ان يطبع قبلة الوداع على جبينها لتوضع بثلاجة الموتى, تلك الثلاجة التي لم أرغب يوماَ في معرفة شكلها وينفرني السماع عنها
هي طفلة لم تقتل براءتها رصاصة مباشرة ولم تغتال أحلامها قنابل الغاز ولم تسرق ضحكتها قذائف الدبابات وانما نسفها ونسف طفولتها وبراءتها وأحلامها وضحكاتها صاروخ اسرائيلي ترك بيت عائلة الغول وغرفة الزوار عندي أثراَ بعد عين.
رحلوا جميعاَ دفعة واحدة فالرحيل الجماعي أرحم، لا يبكي بعده أحداَ على أحد، انما يترك في قلب من بقوا أحياء حسرة لا خلاص منها مع مرور الوقت حتى بالدمع أو بالدم
في زحمة الوجوه الصغيرة رأيت وجه ابنتي براءتها طفولتها ملامحها قسماتها في أعينهم المطفأة رأيتها، رجفت خوفاَ عليها حملتها تشبثت بها ودعوت الله ألا أذوق مُر فراقها وألا تتذوق مُر فراقي، لم يخطر ببالي أن الحياة ستطلق لنا حياة لنعيش على جناحها الذي سيهوي بنا يوماَ فكل ما يشغلني وأنا أهتز وبيتي من الصواريخ المتلاحقة هو أن الموت يعرفنا ولا يخطئنا أبداَ لأنه فائزُ دائماً.
ساعات متابعتي للأخبار كانت قليلة الا أن مشاهد الموت والدمار وأشلاء الضحايا وجثث الأطفال المخنوقة بين ركام المنازل لم تفارق عيناي أبداَ فيكفيني أن أرى صورة لدمعة طفل جريح وأعدك ألا تبصر عيني غيره فأتخبط وأتوه وأبكي وأخاف وأرتعد في كل لحظة, لذلك قررت وبعد طول تردد أن اجلس برفقة ابنتي بالقرب من باب المنزل طول اليوم.
كنت على يقين أن الصاروخ ان أطلق على منزلي لن يأتي من الباب ولن يبقي أيضاَ أي أثر للباب ورغم ذلك لا أعرف السبب الذي قادني للجلوس مع ابنتي قرب الباب ربما كان في هواجسي أني سوف أستطيع الهروب ان كنت بالقرب من الباب اذا فاجئني صاروخ على المنزل.
أعلم أن ذلك هاجس وهمي أو حركة لوجيستية فعلتها تحت تأثير الحرب والموت
ما يقارب من 28 يوماَ عشتها ما بين الخوف والتمني والموت أيضاَ حصد الموت فيها أكثر من 1850 شهيد جلهم من الأطفال وكأن الصواريخ الاسرائيلية مبرمجة للأطفال فقط أو لتصنع مقولة (اذا أردت أن تبقى حياَ .. فابتعد عن الأطفال)
حقاَ لا أعرف ما التبرير الذي سيتحجج به القتلة أمام أنفسهم ليطردوا تلك الأرواح الملائكية عنهم لتغادرهم لبارئها!!
28 يوماَ كنت أتوقع بها الموت بكل لحظة كنت أيضاَ قد رسمت في مخيلتي عشرات السيناريوهات المحتملة للنجاة لي ولابنتي، ففي مرة تخيلت أن قذيفة مدفعية تهاوت على منزلي قادمة من الشرق ماذا سأفعل لأمنع عن ابنتي الموت المحقق!! لم أفكر كثيراَ قبل أن اتخيل أنني سأقلب فوقها سريرها الخشبي وألقي بنفسي فوقه وان وصلت الشظايا الينا فستمزقني أنا وتعيش هّي.
بعد تعاقب الموت على الأطفال كان خوفي على ابنتي يزيد يوماَ بعد يوم وكنت لا أرتاح الا اذا نامت ابنتي في غرفة الزوار لأنها أكثر الغرف أماناَ أو هكذا خُيل الي قبل أن يقصف منزل عائلة الغول ويتشقق سطع غرفة الزوار في منزلي ويطير سقف منزلي أيضاَ (  زينكو ) من مكانه لتباغت ابنتي شظية عمياء أردتها شهيدة لتلحق بأمها واخوتها السبعة الذين سبقوها في قصف استهدفهم وهم بالطريق لمنزل جدهم للاحتماء عندهم من الصواريخ لأبقى أنا وابنتي ولتفارقني ابنتي من غير وداع ولا ابتسامة بريئة
حقاَ ليتني لم أبتعد عن ابنتي تلك الليلة لكن كنت مضطراَ لان أبتعد عنها لألى ترى دموعي على أمها واخوتها في عيوني

لقد كنت مشتاقاَ لهم وها انا أشتاق أيضاَ لمن بقت وحيدة لي ورحلت.

أشتاق لابنتي ولأمها واخوتها ولكن لابنتي هذه حيز آخر في قلبي لا اعلم لماذا ربما لأنها تحمل اسم أمي التي رحلت عنا في الحرب السابقة وليبقى الحزن والفراق يجري في جسمي كجري الدم في الوريد، والآن أنا أبحث عن طفل لأقف بجانبه ليأتي صاروخ ويلحقني بعائلتي (هكذا يقيني .. فاذا أردت أن تموت فقف بجانب طفل)”