تُعتبر الأمراض الوراثية واحدة من أبرز المخاطر التي تهدد صحة الأجنة. تنتج هذه الأمراض إما عن حمل والديهم لجين معين يرتبط بالمرض، أو عن إصابة الوالدين أنفسهم بذلك المرض. لذا، يُفضل إجراء اختبارات وراثية للزوجين سواء قبل الحمل أو مباشرة بعد تأكيده، حيث تُصمم هذه الاختبارات لكشف ما إذا كان أحد الوالدين أو كليهما يحمل الجين الذي قد يعرض الجنين للخطر.
وفقًا للإحصائيات، يُولد حوالي ثلاثة في المئة من الأطفال سنويًا حاملين لجين مرض وراثي أو مُصابين بعيوب جينية. وغالبًا ما يُولد هؤلاء الأطفال دون أن يكون والديهم على علم بأنهما يحملان الجين المسبب للمرض. يمثل هؤلاء آباءً أصحاء بشكل كامل، لكنهم يحملون الجين دون أن يظهر عليهم أي أعراض. لذلك، يُعتبر إجراء الاختبارات الجينية أمرًا ضروريًا لتحديد حاملي الجينات وكشف إمكانية نقلها إلى الأبناء.
رغم أهمية هذه الاختبارات، إلا أن خمسين في المئة فقط من الأزواج يختارون الخضوع لها، على الرغم من أن التقدم العلمي قد سهّل الكشف عن حاملي الأمراض الوراثية ثلاث مرات أكثر من السنوات الماضية. إن عدم إجراء هذه الاختبارات يعرض الجنين لمخاطر عديدة. في حال تم إجراء الاختبارات خلال فترة التخطيط للحمل، يمكن للأزواج اتخاذ القرار المناسب بشأن إنجاب طفل، بينما إذا جُرِيت الاختبارات أثناء الحمل، فيمكن معرفة حالة الجنين واتخاذ قرار مستنير بشأن استكمال الحمل من عدمه.
تُعتبر الاختبارات الجينية نوعًا من اختبارات الدم تُجرى عادةً للزوجين، وتُعتبر بعض المجموعات أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الوراثية. من بين هذه المجموعات الأزواج الذين ينتمون إلى زواج الأقارب، أو لأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي مع الأمراض الوراثية، أو عندما يكون لديهم طفل مصاب بمرض وراثي. إذا كان الوالدان يحملان جينًا لمرض وراثي، يُوصى بإجراء الاختبار حتى لو كانت الحمل الأول سليمًا. ولكن إذا تبيّن أن الوالدين لا يحملان أي مرض وراثي، فلا حاجة لإجراء الاختبار في الحمل الثاني. يُذكر أن احتمالية انتقال الأمراض الوراثية للأبناء تبلغ حوالي خمسة وعشرين في المئة. في حال تبيّن أن الوالدين يحملان جينًا لمرض وراثي، يُنصح بإجراء فحص بعد الأسبوع العاشر من الحمل أو بزل السلى بعد الأسبوع السادس عشر لتشخيص حالة الجنين.
من بين الأمراض الوراثية الأكثر خطورة هو مرض تاي زاكس، حيث يُنتقل للأجنة فقط في حال كان كلا الوالدين يحملان جين المرض. ينتج هذا المرض عن نقص في إنزيم مُعين، مما يؤدي إلى تخلف عقلي حاد قد يُفضي إلى وفاة الطفل في سن الخامسة. يُعد مرض تاي زاكس من الأمراض النادرة ولكنه مُعترف به ضمن 11 من الأمراض الوراثية التي تعتبر حتى الآن غير قابلة للشفاء. تشمل هذه الأمراض التليف الكيسي، وكانبان، وفانكوني، وبلوم، بالإضافة إلى اضطرابات أخرى مثل داء شحمي مخاطي من النوع 4، ومُدخلي ميوكوليبيدوزيس، alpha-1-antitrypsin، وداء غوشيه، وداء نيمان بيك. اليوم، يُمكن استخدام اختبار دم بسيط للكشف عن مرض تاي زاكس، وكذلك الأمراض الوراثية الأخرى التي تم ذكرها سابقًا.
اقرأوا أيضًا |