تُعد ظاهرة الاعتداء الجنسي من أكثر المواضيع التي تُقلق الوالدين، حيث يُشكل وقوع أحد أبنائهم ضحية لهذا النوع من الاعتداء أزمة لا تقتصر على الفرد المتضرر، بل تمتد لتطال جميع أفراد الأسرة. من هنا تبرز أهمية توظيف وسائل دعم متنوعة لتخفيف تبعات هذا الحدث وتأثيراته النفسية والاجتماعية على الأسرة بأكملها.

ما أسباب عدم الإبلاغ عن التحرش الجنسي؟

تنشأ العديد من الأسباب التي تدفع الضحايا إلى عدم الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي، ومنها

  • وجود تهديدات مباشرة من قبل المُعتدي تحث الضحية على عدم إخبار أي شخص عن الحادثة.
  • تقديم المُعتدي للهدايا أو المكافآت للضحية، مما يخلق لديه شعورًا بأن ما حدث هو سرّ يخصهما، وهذا المتغير يُعتبر شائعًا.
  • افتقار المُعتدى عليه للثقة في البيئة المحيطة به أو شعوره بعدم توفر الدعم، مما قد يُشعره بضرورة الاحتفاظ بالحادثة كسرٍ يخصه وحده.

من الجدير بالذكر أن الاعتداء الجنسي عادةً ما يُنظر إليه بوصفه مسألة شخصية، حيث لا يرغب الناس في الكشف عن الحقائق المرتبطة به. تسعى بعض المجتمعات إلى إخفاء الموضوع أو تجاهله، في الوقت الذي يتجنب فيه العديد من المعنيين في الهيئات المسؤولة التعامل مع مثل هذه القضايا وطرح السؤال هل تعرّض أحدهم للاعتداء الجنسي؟

من هم ضحايا الاعتداء والتحرش الجنسي؟

يتبادر إلى أذهان الكثيرين أن الضحية الوحيدة للاعتداء هي الفرد الذي تعرض له، ولكن الحقيقة تُظهر أن عائلة الضحية تتحمل أيضًا أعباء هذا الحدث منذ اللحظة التي يُخبر فيها الأفراد بالمؤلم. فكون الاعتداء يتضمن قضيتين ملتهبتين وحساسيتين، هما العنف والجنس، يفضي إلى ألمٍ إضافي بسبب كون أحد أفراد العائلة ضحية، والذي غالبًا ما يكون طفلًا أو مراهقًا.

ما أضرار عدم الإبلاغ عن التحرش الجنسي؟

على الرغم من التأثير العميق للاعتداءات الجنسية على الصحة النفسية للضحايا، فإن نسبة الاعتداءات التي يتم الإبلاغ عنها تكون عادةً منخفضة جدًا، حيث لا تتجاوز ثلث الحالات تقريبًا. يزيد الإخفاء والإنكار من وطأة الأزمة، مما يجعل المتضررين يعانون من مشاعر سلبية متعددة، من أبرزها

  • الشعور بالوحدة والخجل.
  • الإحساس بالذنب.
  • تجربة مشاعر قاسية ومتنوعة منذ لحظة التعرض للاعتداء.

رغم قلة حالات الإبلاغ، قد يحاول ضحايا الاعتداءات الجنسية في بعض اللحظات التعبير عن معاناتهم بشكل غير مباشر وذلك عبر

  • ممارسة تصرفات جنسية غير مناسبة لسنهم.
  • إلقاء النكات حول الموضوع.
  • ترك مذكراتهم مفتوحة على صفحاته القديمة التي تتحدث عن الاعتداء، بالإضافة إلى سبل أخرى.

مصارحة المعتدى عليه لأهله

قد يثير الكشف عن اعتداء تعرض له أحد أفراد العائلة مشاعر القلق والخوف والذنب (كيف لم نستطع حمايتهم؟) بالإضافة إلى الشعور بالخجل والألم. تكون تجربة الأهل غالبًا الأقسى، خاصةً إذا جاءت معرفتهم بالحادثة بعد مرور فترة طويلة، حيث يتساءلون كيف لم نلحظ الاعتداء؟ ولماذا لم يثق طفلنا بنا ليخبرنا بما حدث؟

يُعتبر إفصاح الضحايا لعائلاتهم وطلب المساعدة من الأمور المعقدة والصعبة للغاية، مما يدفعهم إلى محاولة تجاهل الحدث بدلًا من التحدث عنه.

تجدر الإشارة إلى أن تجاهل الحادث عادةً ما يبوء بالفشل، ويؤدي إلى تفاقم مشاعر الخوف والشعور بالوحدة والعزلة. لذا، من الضروري تشجيع ضحايا الاعتداءات الجنسية على الإبلاغ والتحدث عن معاناتهم.