ما إن بات العالم في ظُلمات القهر والإستبداد حتّى بُزِغ نور الانظمة الجديدة حيْث الإشتراكية والرّأسُماليّة، وهُنا مفهوم الليبرالية ماكث على الإتجاه الذي يُبرهِن على قوّة مِثل هذِه المفاهيم وهذِه الأنظِمة حيْث إنّ مفهوم الليبرالية بات على المحك في هذه الفترة الزمنية بالتحديد بعد انْ بات التعرّف على باقي الأنظمة الأخرى مثل الإشتراكية الروسيّة والرأسماليّة الغربية شبه عاري عن الإيجابيّات حيثُ الإستغلال الواضح من المذهي الراسمالي وكذلك العنفوان في المذهب الروسي السوفيتي الإشتراكي، وفي خضم البحث عن الأفضل تَنَاغم في الأفق مفهوم الليبرالية الذي يحدد لنا مسار تلك الانظِمة وتاريخ هذا المفهوم الذي نَتمحور في الحَديث عن جنباته وهو مفهوم الليبرالية.
مقدمة عن ماهو مفهوم الليبرالية وخصائصها:
مفهوم الليبرالية من المفاهيم التي برزت في القرن العشريْن حيْث إنّ اللّيبِراليّة هي الفلسفة السّياسيّة أو النّظريّة الّتي تأسّست على أفكار الحُرّيّة والمُساواة، في حين أن الليبرالية الكلاسيكية تؤكد على دور الحرية، والليبرالية الاجتماعية تؤكد على أهمية المساواة، حيث أن بعض الليبراليون يتبنوا مجموعة واسعة من وجهات النظر اعتمادا على فهمهم لهذه المبادئ، بينما تدعم الأفكار والبرامج مثل حرية التعبير وحرية الصحافة، وحرية الدين، والأسواق الحرة، والحقوق المدنية، والمجتمعات الديمقراطية والحكومات العلمانية والمساواة بين الجنسين والتعاون الدولي .
وبات مفهوم الليبرالية أكثر إتساعاََ مع مرور الوقت حيث وأصبحت الليبراليّة هي أول حركة سياسية متميزة خلال عصر التنوير، عندما أصبحت تحظى بشعبية كبيرة بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي، ولكن رفضت الليبرالية، والأعراف الاجتماعية، وأصبحت السياسية السائدة لتتمثل في الأمتياز الوراثي، ودين الدولة، والملكية المطلقة، والحق الإلهي للملوك، وكثيراََ ما يعزو الفيلسوف جون لوك مؤسس الليبرالية في القرن 17 باعتبارها التقليد الفلسفي الواضح، حيثُ قال لوك أن كل إنسان لديه الحق الطبيعي في الحياة والحرية والملكية، في حين اضاف أن الحكومات يجب ألا تنتهك هذه الحقوق على أساس العقد الاجتماعي، ولذا يعارض الليبراليون المحافظة التقليدية حيثُ سعت لاستبدال الاستبداد في الحكومة بالديمقراطية التمثيلية وسيادة القانون .
واستخدم الثوار البارزين في الثورة المجيدة، والثورة الأميركية، والثورة الفرنسية الفلسفة الليبرالية لتبرير الانقلاب المسلح للإطاحة بما اعتبروه حكم استبدادي .
وعلى تعداد الإستمرار في التعرّف على مفهوم الليبرالية كان الإيمان بها مقترن بها حيث بدأت الليبرالية تنتشر بسرعة خاصة بعد الثورة الفرنسية، وشهد القرن ال19 الحكومات الليبرالية التي أنشئت في الدول في جميع أنحاء أوروبا، وأمريكا الجنوبية، وأمريكا الشمالية . وفي هذه الفترة، كان الخصم الأيديولوجي السائد لليبرالية هو الكلاسيكية المحافظة، ولكن الليبرالية نجت في وقت لاحق من التحديات الأيديولوجية الكبرى ومن المعارضين الجدد، مثل الفاشية والشيوعية، وخلال القرن 20م، أنتشرت الأفكار الليبرالية إلى أبعد من ذلك حيثُ وجدت الديمقراطيات الليبرالية نفسها على الجانب المنتصر في الحربين العالميتين، في أوروبا وأمريكا الشمالية، وأصبح إنشاء الليبرالية الاجتماعية عنصرا رئيسيا في التوسع في دولة الرفاه . واليوم، لا تزال الأحزاب الليبرالية تمارس السلطة والنفوذ في جميع أنحاء العالم .
أصل التسمية والتعريف:
لكن ماذا عن مفهوم الليبرالية وأصله، حيثُ إن الليبرالية هي عِباره عن كلمات مثل الحرية، والتحررية، ويرجع تتبع تاريخهم إلى يبر اللاتينية، التي تعني “مجانا”، ويمكن التحدث عن أحد الحالات التي سجلت أول كلمة ليبرالية في عام 1375، عندما كانت تستخدم لوصف الفنون الليبرالية في سياق التعليم المرغوب فيه، واتصال الكلمة في وقت مبكر بالتعليم التقليدي بإحدى الجامعات في العصور الوسطى التي فتحت المجال قريبا لانتشار دلالات ودلالات مختلفة .
ونتفاقم مع شموليّة التوضِيح الذي يخص مفهوم الليبرالية وكَلِمة يبرالي يمكن أن تشير إلى “حرة في المنح في عام 1387، و “من دون مهمة ” في عام 1433، و”يسمح بالبحرية” في عام 1530، و “لا تملك ضبط النفس”، وغالبا ما يكون التصريح به تحقير، في القرن 16 والقرن ال 17، وفي القرن ال 16، كانت كلمة ليبرالية في إنجلترا يمكن أن تكون من الصفات الإيجابية أو السلبية في الإشارة الى كرم شخص ما أو الطيش، في الكثير من اللغط حول لا شيء، وفي عام 1815، ظهر أول استخدام للكلمة الليبرالية باللغة الإنجليزية في اسبانيا، والليبراليين، هم المجموعة الأولى الذين استخدموا تسمية الليبرالية في السياق السياسي، وقاتلوا من أجل تنفيذ الدستور في عام 1812 على مدى عقود، وخلال عام 1820-1823، في عهد Trienio Liberal، اضطر الملك فرديناند السابع من قبل الليبراليين أن يقسم باحترام الدستور، وبحلول منتصف القرن ال19، كانت تستخدم كلمة ليبرالية كمصطلح مسيس للأحزاب والحركات في كل أنحاء العالم، ومع مرور الوقت، بدأت معنى كلمة “الليبرالية” تتناثر في أجزاء مختلفة من العالم، ووفقا لموسوعة بريتانيكا، ” في الولايات المتحدة، أصبحت ترتبط الليبرالية بسياسات الرعاية الاجتماعية للدولة من برنامج الصفقة الجديدة للإدارة الديمقراطية، في حين يري فرانكلين روزفلت، أنها عادة ترتبط بأوروبا أكثر مع الالتزام المحدود للحكومة بالسياسات الاقتصادية دعه يعمل ”، ونتيجة لذلك، أصبحت الأفكار الفردية في الولايات المتحدة، ودعه يعمل الاقتصاد المرتبط سابقا بالليبرالية الكلاسيكية، وهي الأساس للمدرسة الناشئة للفكر التحرري، وهي المكونات الرئيسية للمحافظة الأمريكية.
المفهوم:
عن مفهوم الليبرالية نَحط التركيز بعد انْ بات مُعاينة مثل هذه المفاهيم جائز حيثُ إن الليبرالية، هي العقيدة السياسية التي تأخذ علي عاتقها حماية وتعزيز حرية الفرد علي أن تكون المشكلة المركزية للسياسة، ويعتقد الليبراليون عادة أن الحكومة ضروري أن تعمل علي حماية الأفراد من التعرض للأذى من قبل الآخرين، ولكنها تعترف أيضا بأن الحكومة نفسها، يمكن أن تشكل تهديدا للحرية .
وبما أن بمفلتير الأمريكي الثوري أعرب لتوماس باين عن “الحس السليم” في عام ” 1776 ”، بأن الحكومة في أحسن الأحوال “شر لا بد منه”، وهناك حاجة إلي القوانين والقضاة والشرطة لتأمين حياة الفرد وحريته، ولكن يجوز أيضا أستخدام قوتهم القسرية بأن ينقلبوا عليهم . والمشكلة إذن، هي وضع النظام الذي يعطي الحكومة السلطة اللازمة لحماية الحرية الفردية، بل أيضا يمنع أولئك الذين يحكمون من إساءة استخدام تلك السلطة . ولذا يسمى بعض الليبراليين، بالليبراليين الكلاسيكيين الجدد .
ومع ذلك فإن مفهوم الليبرالية واسع الأركان ووطن التفاصيل إذ يَحمل في معانيه الجد والتفصيل، فمنذ أواخر القرن ال19، أصر معظم الليبراليين علي أنّ صلاحيات الحكومة يمكن أن تعزز لحماية حرية الفرد، وفقا لليبرالية الحديثة، فإن المهمّة الرئيسية للحكومة هي إزالة العقبات التي تمنع الأفراد من العيش بحرية، أو من تحقيق كامل لإمكاناتهم، وتشمل هذه العقبات الفقر والمرض والتمييز والجهل، وينعكس الخلاف بين الليبراليين حول ما إذا كانت الحكومة ينبغي أن تعزز الحرية الفردية بدلا من مجرد حمايتها إلى حد ما، كما في المفاهيم السائدة المختلفة عن الليبرالية في الولايات المتحدة وأوروبا منذ أواخر القرن ال20.
معنى “الليبرالية”:
وبالبعد قليلاََ عن مفهوم الليبرالية نجد المعنى ماثل بما فيه حيث أصبحت الليبرالية كفكرة سياسية بعيدة ومعقدة للغاية، ويبدو ان هناك العديد من liberalisms كما أن هناك الليبراليين، وعلى سبيل المثال لا الحصر : التحررية والليبرالية الكلاسيكية، والنزيف الليبرالي للقلب والليبرالية الاقتصادية والليبرالية السياسية والليبرالية الاجتماعية والليبرالية العالية، ومذهب الدولة الحارسة، والموضوعانية، والأناركية الرأسمالية، وبالطبع النيوليبرالية، وفي نظرية العلاقات الدولية يمكنك أيضا العثور على المؤسساتية الليبرالية الجديدة، والأممية الليبرالية أو الليبرالية جزءا لا يتجزأ، في حين أن liberalisms الإضافية يمكن العثور عليها في المواد الدراسية الأخرى، ومن الواضح أن كل هذا ترقى إلى فوضى ليبرالي غير مفهوم، حيث يحتاج الى تسويته، كما وللحصول على فهم لائق للفكر السياسي الليبرالي ليس من الضروري أن يكون هذا التعقيد . وكقاعدة عامة من الإبهام نحتاج فقط أن نأخذ في الاعتبار أحد الأسئلة الدائمة عن الفلسفة السياسية : وما هي العلاقة العادلة بين الفرد والدولة ؟ وتقريبا، هناك ثلاث إجابات علي الليبرالية : وهي يجب أن يكون للدولة ” تقريبا ” أي دور في الحياة الفردية، وينبغي أن يكون للدولة دور محدود، أو يجب أن يكون للدولة دور كبير إلى حد ما، والمتغيرات الليبرالية التي ترتبط مع هذه الإجابات هي التحررية والليبرالية الكلاسيكية والليبرالية الاجتماعية، على التوالي، ومن المؤكد أن هؤلاء الثلاثة لم يستبعد بعضها عن بعض تماما، والمفكرين المرتبطين بالمتغيرات لا تنطبق دائما بدقة على التصنيف، وبالتأكيد ليس ما لديهم كامل بالكتابة الوظيفية، ومع ذلك، فهذا الانقسام إلى ثلاث هو أفضل بكثير من البدائل، بما في ذلك تجميع الليبرالية الكلاسيكية والتحررية تحت مسمي التحررية واحد، كما هو الحال في هذا الخضم المتحدث عن مفهوم الليبرالية.
النهج المفاهيمي:
وللنهج الذي يَشتمل عليه مفهوم الليبرالية عدة اسَاليب فَحكم الفجوة له ثلاثة من حيز الإبهام المذكورة أعلاه والتي لا تزال سارية المفعول بعد تحليل أكثر تفصيلا لليبرالية، استنادا إلى كتابات المنظر السياسي البريطاني مايكل Freeden، الذي وضع لفترة وجيزة، ويقول Freeden أن كل عقيدة سياسية يجب أن ينظر إليها على أنها إطار يتكون من عدد من المفاهيم السياسية، وتختلف هذه المفاهيم في الأهمية، بينما هناك من يطعن في معناها كضوء للفكر، ومن الممكن أن نميز بين المفاهيم الأساسية والمفاهيم المجاورة والمحيطة، والتي تشكل معا مجموعة فريدة من الأفكار السياسية، في حين أن بعض المفاهيم الفردية تتداخل، وهناك تفاوت كبير بين الأطر، وهذا يتيح لنا التمييز بين المتغيرات الليبرالية المختلفة، والتي لا تزال جزءا من عائلة ليبرالية أكبر
وعلى سبيل المثال، فإن مفهوم الحرية هو مُفتاح الحل لجميع المتغيرات الليبرالية، ولكن الحرية لها معاني مختلفة، والفجوة التي أشار إليها برلين الشهير بين الحرية الإيجابية والسلبية هي ذات الصلة بها، وهذه الأخيرة يمكن تعريفها بأنّها “التحرر من التدخل من قبل الآخرين،” أو “حرية التمتع الكامل وإعطاء المرء الحقوق والحريات ”، والتي غالبا ما تتطلب بعض الدعم من الدولة، وترتبط الليبرالية الكلاسيكية بالمفهوم السلبي والليبرالية الاجتماعية بالمعنى الإيجابي . ومع ذلك، فإن معنى الحرية السلبية يمكن أن تؤدي إلي زيادة التنافس، ويمكن أن تؤخذ على إنها الحماية من التدخل من قبل الآخرين وبأنها مطلقة، وهو أكثر صرامة بكثير من التفسير الليبرالي الكلاسيكي، والتي لا تسمح بفرض الضرائب الإلزامية علي الأفراد لدفع ثمن الخدمات العامة .
وليبقى الأمر أكثر جديّة في خصوصية مفهوم الليبرالية لا بد من التعرّف على باقي الجزيئات فالآن نحن ندخل المجال التحرري، الذي هو في حد ذاته ينقسم إلى أولئك الذين يحملون الفكرة المطلقة للحرية السلبية ” على الأناركية الرأسماليين”، وأولئك الذين يسمحوا بالتعدي على الحد الأدنى من حقوق الملكية لدفع ثمن الشرطة والدفاع الخارجي والقضاء . وهذا هو السبب أيضا في المحافظة ليست كما ترتبط ارتباطا وثيقا بعائلة ليبرالية الفكر كما يحدث في بعض الأحيان للمحافظين، والحرية الفردية ليست مفهومه على الإطلاق، وفي هذا السياق المخيب للآمال أن Freeden، كان يركز على السياسة الداخلية ” كما حدث مع النظرية السياسية الأكاديمية والقيام بها تقليديا ”، في حين أنه من المهم أن تدور الأفكار حول الشؤون الدولية، لأن الشؤون الخارجية هي دافعاً هاماً للسياسات السياسية، وأيضا علي التغيير الداخلي، والاختلافات بين الأفكار الليبرالية في السياسة الداخلية هي أيضا واضحة للعيان وتتفق فكريا من وجهة نظرهم مع الشئون الدولية، وعلى سبيل المثال : دور الدولة في الحياة الفردية وفي السياسة العالمية، والسؤال الدائم في النقاش الليبرالي سواء التجارة الحرة التي تعزز السلام الدوليين، أو الفائدة المزعومة من المنظمات الحكومية الدولية.
الخصائص العامة:
مجموعة من الصفات تقترن مع مفهوم الليبرالية حيثُ نَجد أن الليبرالية مشتقه من اثنين من الميزات المتعلقة بالثقافة الغربية، الأول هو انشغال الغرب بالفردانية، بالمقارنة علي تركيز الحضارات الأخرى على وضع الطائفة، والتقاليد . وقد غمر الفرد المرؤوس إلى عشيرته، أو القبيلة أو جماعة عرقية، أو المملكة، والليبرالية هي تتويج للتطورات في المجتمع الغربي التي أنتجت شعورا بأهمية الفردانية للإنسان، وتحرير الفرد من التبعية الكاملة للمجموعة، وتخفيف قبضة ضيق العرف والقانون، والسلطة، وفي هذا الصدد، فالليبرالية تقف على تحرير الفرد، وتستمد الليبرالية أيضا من ممارسة الخصومة في الحياة السياسية والاقتصادية الأوروبية، وهي العملية في إضفاء الطابع المؤسسي على المنافسة مثل المنافسة بين الأحزاب السياسية المختلفة في المنافسات الانتخابية، وبين الادعاء والدفاع في إجراء عدائي، أو بين مختلف المنتجين في اقتصاد السوق، والنظام الاجتماعي الديناميكي.