كإحدى ثورات العَاَلم المُعَاصر كَانَت الثورة الامريكية حاضرة في الميدان، ولكن الغريب بالأمر في والأعجيب أو أكثر هو أن هذه الثورة وهي الثورة الامريكية قد تَمّت بِمُسَاعَدة المُسْلِمين الذِينَ قَارَعُوا المستحيل ليكون لهم يد وعون في الثورة الامريكية، وحول ذلك نتبين في مجموعة من التفصيلات التي ساعدت في جعل الثورة الامريكية تنجح إلى هذا الحد وإلى هذا الحق في الوصول إلى أعلى مراتب التحرر بعد ان كان للمسلمين يد وباع وذراع في تكوين أفق يسري في الثورة الامريكية بفضل المسلمين، والكثير يجهل ما مدى ونوعية المساعدة التي قدمها المسلمون في الثورة الامريكية، وهنا نركز على مدى المساعدة واهميتها.

مقدمة عن تفاصيل حول مساعدة المسلمون الثورة الامريكية:

حول الثورة الامريكية نتحدث بإستفاضة حيث يمكن أن يكون المشهد السياسي الأميركي اليوم ليكون مكان مربك ومخيف، ويشير إلى أفكار الآباء المؤسسين، وينظر إلى إعلان الاستقلال والدستور كما ورد في لوثائق تستند على الحياة الأميركية، والحرية والديمقراطية . وكما هو معروف أن الحرية هي الحجر الساسي للأفكار السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة .

ونبقى بخضم الثورة الامريكية حيث وفي الوقت نفسه، تصاعدت موجة الخوف من وجود الإسلام، حيث دعم السياسيون في توصيف الحياة الإسلامية التي تتعارض مع المجتمع الأمريكي، مع النقاد بوسائل الإعلام والذين ينتقدون التأثير المفترض للمسلمين الذين يعملون على تدمير أساس الأفكار السياسية والاجتماعية الأمريكية .

وبخصوص الثورة الامريكية ولكن في الجزء المثير للسخرية حقا من هذا، هو أن المسلمين في الحقيقة ساعدوا في صياغة الأفكار التي تقوم عليها الولايات المتحدة اليوم، في حين أنهم لم يكونوا السبب الوحيد للثورة الأمريكية، والأثر الذي تركه المسلمين كان واضح على إنشاء أمريكا ويجب عدم تجاهله .

الفلسفة الإسلامية والتنوير:

وهنا تتوضح خلجات الثورة الامريكية حيث صيغت الأفكار السياسية والاجتماعية التي تسببت في دفع المستوطنين الأميركيين إلى الثورة ضد الإمبراطورية البريطانية في حركة تعرف باسم التنوير، وكان التنوير هو الحركة الفكرية التي تجادل العلم والعقل على أساس المجتمع البشري، وليس التقليد الأعمى من الملوك وسلطة الكنيسة، وفي 4 يوليو لعام 1776، وقعت الثورة الأمريكية في فيلادلفيا لإعلان الاستقلال، حيثُ قَدّمت وثيقة مكتوبة من قبل توماس جيفرسون متأثرة بشدة التنوير، وهو ما جعل المسؤول يقرر انفصالهم عن بريطانيا العظمى وقيام الولايات المتحدة الأمريكية .

وكان الدافع وراء التنوير من قبل مجموعة من الفلاسفة والعلماء الأوروبيين الذين كانوا في طريقهم ضد الأفكار السائدة عن الحكم في أوروبا في ذلك الوقت، ومن بين هؤلاء المفكرين هم جون لوك، رينيه ديكارت، إسحاق نيوتن ومونتسكيو .

من هو جون لوك:

وإبان الثورة الامريكية كان الادباء مشغوفون في مدح المسلمين حيث إن جون لوك، هو الانجليزي الذي عاش من عام 1632-1704، وكان لديه بعض الأفكار الأكثر تأثيرا في عصر التنوير، حيث ابتدع فكرة أن البشر هم بطبيعة الحال في حاله جيدة، وأن التلف يأتي من قبل المجتمع أو الحكومة ليصبح الشخص منحرفاَ، ووصف لوك هذه الفكرة في كتابه وكتب مقال عن الفهم الإنساني مثل البدء من جديد، وهي عبارة لاتينية تعني لائحة بيضاء، ولم تكن هذه الفكرة الأصلية له، ولكنه في الواقع، أخذ لوك الفكرة المباشرة من الفيلسوف المسلم ابن طفيل منذ عام 1100م، وفي كتاب ابن طفيل، وحي بن يقظان، وهو يصف فكرة مماثلة حول كيفية تصرف البشر بمثابة لائحة بيضاء، واستيعاب الخبرات والمعلومات من البيئة المحيطة بهم .واقترض جون لوك العديد من أفكار التنوير من الفيلسوف المسلم، ابن طفيل .

وعلى ذات منوال الإهتمام بشمولية الثورة الامريكية نرى أن نفس الفكرة تتجلى في حياة النبي محمد ” صلى الله عليه وسلم”، حيث ذكر أن أي طفل يولد على الفطرة، والفطرة هنا يمكن تعريفها بأنها، حالة النقاء الطبيعية للشخص، وفقا للفكر الإسلامي، حيث يولد جميع البشر في حالة طبيعية من النقاء، مع الاعتقاد بواحدانية الله، وعندما يكبرون في السن، فإنها تبني أفكار ومعتقدات الناس التي حولهم، لا سيما والديهم . هذا هو رائد فكري في البدء من جديد، الذي تعلمه لوك من ابن طفيل .

ومن خلجات الثورة الامريكية تُثار الحكاية ومن خلال أفكار لوك، فإن هذا المفهوم يؤثر على الفكرة السياسية بأن البشر لا ينبغي ان يكون مقيدا بحكومة ظالمة وغير متسامحة، وأن أفكاره، التي استعارها من ابن طفيل، في نهاية المطاف تشكل حجر الأساس للأفكار الثورية الأميركية، حيث أن المستعمرين في أمريكا سيكونوا أفضل حالا إذا لم تكن في عهد الحكومة البريطانية القمعية، وسعي لوك للحصول علي المزيد حول هذا الموضوع من خلال وصف ما سماه العقد الاجتماعي، وفي نظرية العقد الاجتماعي، يجب أن الشعب يوافق على أن يحكم من قبل الحكومة وهذا بدوره يوافق على حماية الحقوق الطبيعية للمواطنين .

وعلى اهمية التقديم التفصيلي في الثورة الامريكية نجدد الحيوية فكما ويعتبر هذا المفهوم نفسه أيضا في عام 1377 في مقدمه المؤرخ المسلم العظيم وعالم الاجتماع ابن خلدون وهو المبادر في تعريف نسق الثورة الامريكية، وفي ذلك، يقول، أن المرافقات من الإمامة يجب أن تكون جيده والعطف عليهم، ولحماية هذه الموضوعات . . أدركت المعنى الحقيقي للسلطة الحاكمة عندما يدافع الحاكم عن رعاياه وهنا ابن خلدون قد شرح واحدة من الأفكار السياسية الرئيسية في التنوير، وقبل 300 سنة يقترح لوك نفس الحجة أن الحكومة يجب أن تدافع عنا، ولا تشكل تعديا على حقوق مواطنيها، وفي وقت لاحق، من عام 1776، ذكر ديباجة إعلان الاستقلال بحجة مماثلة تتشكل فيها الحكومات بين الرجال، وتستمد سلطاتها العادلة من موافقة المحكومين .

وأيضا رائدة جون لوك لمفهوم الحقوق الطبيعية وفكرة أن البشر جميعا مجموعة من الحقوق التي وهبها الله لهم، وأن لا ينبغي أن تؤخذ بعيدا عن أي حكومة، وفي إعلان الاستقلال، ذكر ذلك بأن … ” الرجال” وهبوا من خالقهم حقوق معينة غير قابلة للتصرف، وأن من بين هذه هي السعي للحياة والحرية لتحقيق السعادة .

في حين أن معظم الكتب المدرسية الأمريكية والأوروبية تعزز هذه الفكرة الغربية الفريدة من نوعها، والحقيقة هي أنها أقدم بكثير من جون لوك وتوماس جيفرسون .

ومرة أخرى، يأتي في المقدمه، ابن خلدون وهو الذي يوضح لأولئك الذين ينتهكون الملكية في إرتكاب الظلم . أولئك الذين ينكرون للناس حقوقهم لإرتكاب الظلم، ويمضي في شرح أن هذا يؤدي إلى تدمير الدولة، ويورد أمثلة من حياة النبي “صلى الله عليه وسلم” حيث نهى عن الظلم .

وجاءت مفاهيم الحكومة المسلمة بأن لا تتعدى على الحقوق الواضحة في الشريعة الإسلامية، وهي فكرة مقبولة ومسلم بها بشكل جيد في جميع أنحاء الإمبراطورية الإسلامية .

الفلاسفة الأخرى :

حول دور المسلمون في الثورة الامريكية كان الكثير من الآراء حيث تأثرت فلاسفة التنوير الأخرى بشكل كبير من قبل المسلمين في وقت سابق بالأفكار الإسلامية. دون الخوض في تفاصيل كثيرة، وفيما يلي بعض الأمثلة :
لقد تأثر اسحاق نيوتن الى حد كبير من قبل بأبن الهيثم، العالم المسلم الذي كان رائدا في المنهج العلمي، والبصريات، وقوانين الحركة، في أوروبا، وكان ابن الهيثم معروف جيدا، بأفكاره حول العلم والفلسفة، واقترض إسحاق نيوتن عن ابن الهيثم فكرة أن هناك قوانين للطبيعية التي تعمل مع الكون ” وهي فكرة اقترحها لأول مرة الخليفة المأمون حيث من المنطقي له تأسيس بيت الحكمة في بغداد ”، وفي وقت لاحق استخدم فلاسفة التنوير فكرة القوانين الطبيعية لدعم مفاهيم الحقوق الطبيعية، ودور الحكومة، والنظم الاقتصادية .

وليس بالبعيد عن الثورة الامريكية فكل هذه الأفكار تأثر بها الآباء المؤسسون لأمريكا الذين استشهد منهم كأساس للولايات المتحدة وعادة ما يستشهد مونتسكيو كأول اقتراح لأفكار تقسيم الحكومة إلى عدة فروع . وخلال هذه الفترة التي قضاها في أوروبا، عقدت الملوك السلطة المطلقة وتقاسم السيطرة على الدولة مع أي شخص .

وهذا السابق يدل على عمق التأثير في الثورة الامريكية فقد كان للعالم الإسلامي تاريخيا في بدا التشغيل مثل هذه الطريقة، في حين عقد خلفاء إمبراطوريات العصر الأموي والعباسي على أكثر من السلطة، وكانت موجودة هناك أيضا لفكرة الشورى، وهو المجلس الذي كان يقوم بإسداء المشورة إلى الخليفة للعمل بها، وفي تلك الحكومات كانت توجد أيضا الوزراء الذين ينفذوا المهام تحت إشراف الملك، ولعل الأهم من ذلك، كان قضاة التشريع أو القضاة، هم الذين شكلوا النظام القانوني القائم على الشريعة الإسلامية، وكانت مستقلة عن الخليفة الحاكم، ومن أبرز الأمثلة على كيف يمكن للحكومات الإسلامية المصممة للعمل من خلال البيروقراطية الإمام الماوردي في آل الآمر بأحكام آل السلطانية “على مراسيم الحكومة”، وكتب في وقت مبكر من عام 1000م، يشرح الماوردي كيف أن الخليفة وغيرهم من المسؤولين الحكوميين يقوموا بتنفيذ أدوارهم في المجالات الفردية، في حين البقاء في إطار الشريعة الإسلامية، وكان هذا النظام من الحكومة معروف جيدا في أوروبا من الدول الأوروبية الإسلامية في إسبانيا وصقلية، حيث سافر العديد من المسيحيين الأوروبيين للدراسة تحت علماء المسلمين . وترجمت أعمال الماوردي إلى اللاتينية وتم نشرها في جميع أنحاء أوروبا، حيث كان يعرف باسم Alboacen .

القهوة :

ولكن ماذا يرتبط بمسمى الثورة الامريكية مع مشروب القهوة يا ترى؟ كل هذه الأفكار الفلسفية التي سبق ذكرها لم يكن لديها تأثير كبير إذا لم يكن للشراب الأسود الغريب الذي خرج من العالم الإسلامي – القهوة .
وخلال العصور الوسطى في أوروبا، كان المشروب الكحول هو المفضل لهم، في فرنسا وغيرها من المناطق كانت تزرع العنب لعمل النبيذ بإعتباره الشراب المهيمن، بينما كانت البيرة الشعبية في منطقة الشمال، وفي الواقع كانت مياه الشرب نادرة، كما كان يعتقد أن المشروبات الكحولية هي أنظف من المياه، حيث وفي منتصف عام 1400م في اليمن، ظهر الشراب الجديد الذي كان يصنع من حبوب البن، حتى بدأت تتميز بإعتبارها شراباً شعبية جدا، وتضايق اليمنيون ثم بدأوا في غلي حبوب البن في الماء لإنتاج الشراب الذي كان غني بمادة الكافيين، وهو منبه يكسب الجسم المزيد من الطاقة والذي ساعد على التفكير بشكل أكثر وضوحا، وخلال عام 1400م وعام 1500م، بدأ انتشار القهوة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، والمقاهي ليطفو على السطح في المدن الكبرى، وأصبحت هذه المقاهي مركزا للمجتمع الحضري، كما اجتمع الناس هناك للاستمتاع بصحبة الآخرين.

 

المقهى البريطاني في عام 1700م :

ومن الثورة الامريكية وتداعياتها ننتقل الآن إلى ما هو أهم من ذلك حيث وقبل عام 1600م، انتشرت هذه المقاهي في أوروبا . على الرغم من وجود مقاومة أولية لشرب المشروب الإسلامي في أوروبا المسيحية، واشتعلت المشروبات جرا . وأصبحت المقاهي جانبا أساسيا من جوانب التنوير، وخاصة في فرنسا، بينما في السابق الأوروبيين قد تشرب الكحول بشكل منتظم، ولكن اجتمعوا الآن في المقاهي، حيث تمت مناقشة الفلسفة، والحكومة والسياسة، وغيرها من الأفكار التي كانت حجر الزاوية في عصر التنوير، وكان من فلاسفة عصر التنوير الفرنسية مثل ديدرو وفولتير، وروسو وجميع العملاء يجتمعون في مقاهي باريس .

وكان لهذا المشروب الذي جاء من بلاد المسلمين، إلي أوروبا أثر في عصر التنوير، حيث التقى الفلاسفة لمناقشة الأفكار، ولم يكن عقلانياً بوضوح ” بسبب استهلاك الكحول” إلى التفكير الفلسفي .

كيف حدث هذا ‎وأدى إلى ثورة ؟

وسؤال صريح بخصوص الثورة الامريكية فكما ذكر سابقا، كانت الثورة الأمريكية تأثرت بشكل مباشر من عصر التنوير في أوروبا، حيث أزدهرت نظريات الحقوق، والحكومة، والذات الإنسانية التي كانت أساس التنوير بشكل كبير في عام 1700م، على أيدي العقول العظيمة مثل لوك ونيوتن، ومونتسكيو، ومع ذلك، اقترضت أفكارهم من الفلاسفة المسلمين في وقت سابق مثل ابن طفيل وابن سينا، وابن خلدون . ولو لم تكن هذه الأفكار التي كانت متجذرة في الإسلام، لما كان التنوير كالثاقبة، أو ربما لم يحدث، وأضف إلى ذلك تأثير البن في أوروبا الذي ساعد في إعطاء الفلاسفة منتدى لتوسيع أفكارهم وتعلم الجديد.

مراسم التوقيع على إعلان الاستقلال في عام 1776 في فيلادلفيا:

انتهت الثورة الامريكية وانتهى معها تاريخ عظيم حيث وبدون التنوير، فالمستوطنين الأمريكيين لم يحدث لهم الدعم الفكري بانهم بحاجة إلى ثورة . وأفكار الحرية، والحرية، وحقوق الإنسان التي تأسست في أمريكا، وهي في الأصل الأفكار الإسلامية التي وضعها الفلاسفة المسلمين للعمل بها، مع القرآن والحديث كأساس لها، في حين أنها ليست دقيقة في الادعاء بأن المسلمين تسبب بمفرده في القيام بالثورة الأميركية، ومساهماتها والتأثيرات التي لا يمكن تجاهلها، أولئك الذين يدعون أن الأفكار الإسلامية لا تتوافق مع المجتمع الأمريكي ويجب أن نتذكر أن تلك الأفكار الإسلامية هي التي ساعدت في تشكيل المجتمع الأمريكي، والحرية، والحرية في المقام الأول .