إنّ العين لتدمَع فور سماع قصة المولد النبوي الشريف، أجل ومَع قصة المولد النبوي الشريف تبدأ العيون بهمرِ الكثير من الدموع على ذكرى باتت من أعظم الذكريات في البشرية، كيف لا وهي ذكرى مولد خير الأنام محمد بن عبدالله الذي كان ولا يزال خير من وطأت قدمه أرض العالمين، لك مِنّي يا حبيبي يا رسول الله ألف صلاة وسلام يَليق بك وبجًمال وجهك وحُسن صيتك، ولإخراج الناس من الظلام إلى النور فاعل، لبيك يا حبيبي يا رسول الله يا من فَعلت هذا وذاك حتى بِتّ الأفضل على الدوام في كل اللحظات.
تفاصيل قصة المولد النبوي الشريف
التفاصِيل كثيرة ولعلّ التفصيل الأبرز من قصة المولد النبوي الشريف هو النور الذي ملأ مشارق الأرض ومغارِبها عن بِكرة أبيها، ومن ثَمّ تسلسلت باقي التفصيلات التي تنهمر فيما بعد واحدة تلو الأخرى.
حكاية المولد النبوي الشريف
في هذا اليوم كانت بداية خُروج خلق الهدي محمد “صلّى الله عليه وسلّم” إلى البشرية لإخراجها من عبادة العباد إلى عبادة الله عز وجل، فالحمدُ للهِ الذى أنعمَ علينَا بمحمدٍ سيدِ البشر فَخرِ ربيعةَ ومُضر ومنِ انشقَ له القَمر وسلمَ عليهِ الحَجر وسعى لخدمتهِ الشَجر، صلى الله عليهِ وسلم صلاةً وسلامًا تامَّينِ مُتلازِمَينِ إلى يوم الدين. أما بعد فقد قال بعضُ العلماءِ ممن ألفَ في قصة المولدِ الشريفِ حملت أمنةُ بنتُ وهبٍ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم عشيةَ الجُمعةِ أولَ ليلةٍ من رجب وإنَّ أمنة لمـّا حملَتْ برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ترى الطيورَ عاكفةً عليها إجلالاً للذى في بطنها، وكانت إذا جاءتْ تستقي الماء من بِئرٍ يَصعدُ الماءُ إليها إلى رأسِ البئرِ إجلالاً وإعظامًا لرسول الله صلى الله عليه. قالت وكنتُ أسمعُ تسبيحَ الملائكةِ حَولي ثم رَأيتُ في المَنامِ شَجرة، وعليها نُجومٌ زَاهرة، بينهُنَّ نَجمةٌ فَاخرة، أضاء نُورُها على الكل، وبينما أنا ناظرةٌ إلى نُورها واشتِعَالِها إذْ سَقطتْ في حِجْرِي، وسَمعتُ هاتفًا يقول هذا النبيّ السيدُ الرسول ثم أتانِي ملكٌ ومعهُ وَرقةٌ خضراء فقال إنك قد حَملتِي بسيد المرسلين ونبي المؤمنين، قالت فأنتبهتُ من نومي مَرعُوبة وحدثتُ بذلك زوجي عبدَ الله، فقال قومي إلى خليفةَ ابنِ عَتَّاب يُفسّرُ لك هذا المنام، قالت فأتيتُ إليه وقَصصتُ عليه هذا المنام، فقال الشَجرةُ إبراهيمُ الخليل، والنُّجومُ الزَّاهِرَةُ هم الأنبياءُ من أولادهِ، والنَجمةُ الفاخرةُ التي علاَ ضَوؤها على الكُل، فهو نبيٌ يظهرُ في هذا الزمان، يُكسّرُ الأوثانَ ويعبدُ الرَّحمٰن، وأما سُقُوطُهَا في حِجرِك فَسوفَ تَلدِينَهُ وَسَيعلُو مَكَانُهُ ويَنتشرُ في المَشرقِ والمَغربِ بُرهانُهُ. (صلو عليه وسلموا تسليمًا).
هذا وتَستمر الحكاية، فلمّا دخلَ شَهرُ رَبيعٍ الأول في اثنتَي عَشرةَ لَيلةً خَلت مِنه، وهي ليلةُ الإثنين من الليالي البِيض اللاَّتِي لَيس فيهِنَّ ظَلام، قالت أمنة فأحسَسْتُ بالذي في بَطني يُريدُ النُّزولَ فلحقَنِي البُكاء لوحدَتِي، فَنظرت إلى رُكنِ المنزل وقد ظهر منهُ أربعُ نِساء طِوال، كَأنَّهُنَّ الأقمَار، مُتَزِرَاتٍ بِأُزُرٍ بيض، يَفُوحُ الطّيبُ من أعطَافِهنَّ، فقلتُ لهنَّ من أنتنَّ اللاتِي مَنَّ اللهُ عليَّ بِكُنَّ في وَحدتِي، وفَرَّجَ بِكُنَّ كُربَتِي؟ قالت الأولَى أنا مَريمُ بنتُ عِمران، والتي على يَساركِ سَارةُ زوجةُ إبراهيم، والتي تُناديكِ من خَلفِك هَاجرُ أمُّ إسمعِيلَ الذبيح، والتي أمامَكِ ءاسيةُ بنتُ مُزاحِم. قالت أمنةُ فاستبشرتُ بِهنَّ وفَرحتُ فَرحًا عَظيمًا، فأقبلت كلُّ واحدةٍ منهنَّ وبَشرتهَا، ثم أقبلت الرابعة وكانت أكبرهنَّ هَيبةً وأكثرهنَّ بَهجةً وبشرتهَا بحملها برسول الله صلى الله عليه وسلم. تقولُ أمنة ثم جلست بين يديّ وقالت ألقي بنفسكِ عليّ، ومِيلِي بكُلِّيَّتِكِ إليّ، قالت أمنةُ فجعلتُ أنظرُ إلى أشباحٍ يَدخلونَ عليّ أفواجًا يُهنئُونِي وأنا حَيرانة وهم يُخاطبونني بخطابٍ لم أسمع قطُ أحلىُ منهُ ولا أَرَق. (صلو عليه وسلموا تسليمًا)
حيثُ وقد قالت أمنة: وفي تلكَ الساعة رأيتُ الشُّهُبَ تتطاير يَمينًا وشِمالاً، وأوحَى الله إلى رِضوان، يا رِضوانُ زَينِ الِجنَان، وصُفَّ على غُرفِهَا الحُورَ والوِلدَان، واهتزَّ العَرشُ طَربًا، ومَالَ الكُرسيُّ عَجَبًا، وخَرَّت المَلائكةُ سُجَّدًا، ومَاجَ الثقلان، وقيلَ يا مَالك أغلِق أبوابَ النّيرَان، وَصَفّدِ الشَّياطِين لهبوطِ المَلائكةِ المُقَربين، وكلُ ذلكَ بأمرِ المَلكِ الجبَّار، قالت أمنة ولم يأخُذنِي ما يَأخُذُ النّساءَ منَ الطَّلق إلا أنِي أعرقُ عَرقًا شَديدًا كالمِسكِ الأذفر، لَم أعهدهُ قبلَ ذلكَ من نفسي، فَشكوتُ العَطشَ، فإذا بِمَلكٍ نَاولنِي شَربةً من الفِضَةِ البيضَاء، فيها شَرابٌ أحلىَ من العَسل، وأبردُ من الثلج، وأذكىَ رائحةً من المِسكِ الأذفَر، فَتناولتها فشربتُهَا فأضَاء عليَّ منهَا نورٌ عظيم، فَحرتُ لذلك، وجعلتُ أنظرُ يمينًا وشمالاً وقد اشتدَّ بِيَ الطَّلقُ، فبينما أنا كذلك فإذا بطائِرٍ عظيم أبيضَ قد دخلَ عليَّ، وأمرَّ بجَانِبَةِ جَنَاحيهِ على بَطنِي وقال، انزِل يا رسول الله، انزِل يا حبيبَ الله، قالت أمنةُ فَأعانَنِي عَالمُ الغيبِ والشهادةِ على تسهيلِ الولادة فوضعتُ الحبيبَ محمَّدًا. (صلوا عليه وسلموا تسليمًا)
هذا وقد نَزلَ رسولُ الله من بطنِ أمهِ مُعتمِدًا على يديه، مَكحُولاً مَدهُونًا مَسرُورًا مختُونًا، مُباركًا على الأمةِ مَأمُونًا، فاحتَمَلَهُ جِبريل، وطاَرت به المَلائكةُ، وَلَفَّهُ مِيكائيل في ثَوبٍ من الجنةِ أبيض، وأعطاهُ إلى رِضوان يَزقُهُ كما يَزقُ الطيرُ فَرخَه، قالت أمنةُ وكُنت أنظر إليه كأنهُ يقولُ زدنِي زدني، فقال له رِضوان يَكفيكَ يا حبيبَ الله، فما بَقِيَ لنبيٍ عِلمٌ وحِلمٌ إلا أُوتِيتَه، فاستَمْسِكْ بالعروةِ الوُثقَى، من قال مَقالَتَك، واتّبَعَ شريعتكَ يُحشرُ غَدًا في زُمرتِك. طُوبَى لحِجرٍ ضَمَّه، وطُوبَى لثديٍ أرضعَه، وطُوبَى لبيوتٍ سكنهَا. فقالتِ الطيرُ نحنُ نَكفَلُهُ، وقالتِ المَلائكةُ نحن أحقُ بهِ، وقالتِ الوُحوشُ نحنُ نُرضِعُهُ، قال الله تعالى أنا أَولَى بِحَبِيبِي ونَبِي مُحمَّد، فَإنِي قَد كَتبتُ أن لا تُرضِعَهُ إلاَّ أمَتِي حَليمَة. اللَّهُم انفعنا ببركةِ نبيك يا أرحم الراحِمين يا أرحم الراحِمين يا أرحم الراحِمين. (صلوا عليه وسلموا تسليمًا.
اسم النبي
اسم النبي يَتسلسل ليَصِل الكثير من الأسياد والكثير من كِبار قُريش الذين حملوا الشهامة العربية في كُل آنِِ وفي كل تعداد، حيثُ هـو سـيـِّـدنـا مـحـمّـد بـن عـبـد الـلـه بـن عـبـد المـطـَّـلـب واسـمـه شـيـبـة الحـمـدِ حُمِدَتْ خصالُه السَّنِيَّة، ابـن هـاشـم واسـمـه عـمـرو، ابـن عـبـد مـنـاف واسـمـه المـغـيـرة الذي ينتمي الإرتقاء لِعَلْيَاه ، ابـن قـصـي واسـمـه مـُجـَـمـِّعِ، سـُمـِّيَ بـِقـُـصـَيٍّ لـِتـَـقـاصـِـيِـهِ فـي بـلاد قـُـضـَاعـة الـقـصـيّـة، إلـى أن أَعـَـادهُ الـلـه تـعـالـى إلـى الـحـَرَمِ الـمُـحـتــَـرمِ فـَحـمـى حـِمـَاه * ابـن حـكـيـم، ابـن مـُـرَّة بـن كـعـب بـن لـُـؤَي بـن غـالـب بـن فـهـرٍ واسـمـه قـُـريـْش، وإلــيـه تـُـنـسـَبُ الـبـُطـُون الـقـُـرَشـيـَّـة، وما فـوقـه كـِنـَانـِيٌّ كـمـا جـَـنـحَ إلــيـه الـكـَـثـيـرُ وارتـضـاه ابـن مـالـك بـن الـنـَّـضـرِ بـن كـِنـَانـة بـن خـُـزَيـمـة بـن مـُـدرِكـَة بـن إلـيـاس، وهـو أوَّل مـن أَهـدى الـبـُـدْنَ إلـى الـرِّحـَاب الـحـَرمـيـة ، وسـُـمـِعَ فـي صـُـلـبـهِ الـنـَّـبـيّ صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم ذكـَـرَ الـلـه تـعـالـى ولـبـَّـاه ابـن مُـضـَر ابـن نـِـزَار بـن مـَـعـَـد بـن عـدنـان، وهـذا سـِـلـْـكٌ نـظــَّـمـت فـَـرَائـِدهُ بـَـنـانُ الـسـُّـنـَّـة الـسـَّـنـيـَّـة، وَرَفـْـعـهُ إلـى الـخـلـيـل إبـراهـيـم عـلـيـه الـسـلام أَمـسَــكَ عـنـه الـشـَّارعُ وأبـاه وعـدنـان بـلا رَيـبٍ عـنـد ذوي الـعـُـلـومِ الـنـِّـسـبـيـَّـة، إلى الـذبـيـح إسـمـاعـيـل نـِسـبـتـُـهُ ومـُـنـتـَــمـاه * فـأَعـظِـم بـه مـن عـِقــْـدٍ تـألـَّـقـَـت كـواكـِبـُـهُ الـدُّريـَّـة، كـيـف لا والـسَّـيـِّـدُ الأكرم صـلّـى الـلـه عـلـيـه وسـلّـم وَاسـِطـَـتـُـهُ الـمـُـنـْـتـقـاة.
ولعلّ نهاية قصة المولد النبوي الشريف كانت جذّابة ومُتمركِزة على حين غرّة من الحسن والجمال، كيف لا وهي قصة المولد النبوي الشريف وخير الأنام محمد “صلّى الله عليه وسلّم”.