قَد يكُون هُناك رجل بألفِ رجُل، وقد يكُون الأمر غَير ذلك، يَستهوينا في هَذا عبدالرحمن بن محمد السدحان وما به من خلجات على إثر السيرة الذاتية التي تضُجّ وتُلوّح فِي هذا اليوم وتَحت سماء المَشاهير في المملكة العربية السعودية، حيثٌ نجد أنَّ عبدالرحمن بن محمد السدحان الذي يشغل الآن مَنصب الأمين العام للمجلس الوزاري السعودي من أعلام المملكة في الثقافة وفي الإستشارة القانونيّة والإستشارة الموضوعيّة لكافة ما يلتَصِق بالمملكة العربية، وما ساعد في نُشوز هذا العالِم والكَاتب والأستاذ وحُصوله على هذه المرتبة هو تعلّمه في داخل وخَارج حُدود المملكة العربية السعودية.

السيرة الذاتية مع عبدالرحمن بن محمد السدحان

فِي هذا المقام نجد أنَّ هذا الأستاذ هو أنّه عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله السدحان، وزير سعودي، ويشغل منصِب أمين عام مجلس الوزراء السعودي منذ 1426/3/2 هـ، حيثُ حصل على بكالوريوس إدارة، من جامعة كاليفورنيا مع مرتبةِ الشَّرف عام 1968م.

ثُمّ نال ماجستير إدارة جامعة كاليفورنيا مع مرتبة الشرف عام 1970م، وأمّا عن خبراته فقَد عمل عُقب عودتة من الولايات المتحدة الأمريكية، في عام (1390هـ) بمعهد الإدارة العامة، ثم انتقل إلى مَجلس الخدمة المدنيّة خلال الفترة من رمضان (1397هـ) حتى مُنتصف عام (1416هـ)، ثُم في بالأمانة العامة لمجلس الوزراء بدءاً من عام (1416هـ) نائباً لمعالي الأمين العام فأميناً عاماً (1426هـ)، وله الكَثير والكثير من الكُتب والمؤلفات التي يُخاطب بها الطبقة الراقِية من المُثقفين في المملكة العربية السعودية وغيرها.

صور عبدالرحمن بن محمد السدحان

وأمّا عن التلذذ في التعرّف على باقي خلجات عبدالرحمن بن محمد السدحان، فإنّنا نُقدّم بوتقةََ مِن التفاصيل التي تصُول وتجُول في صوره العديدة، والتي كَان لها إبراز في معاني هذا المقام كما يلي:

انجازات عبدالرحمن بن محمد السدحان

فِي حياته الطويلة سطّر الكثير من الإنجَازات حتّى بات على سُلّم الإهتمام للكثير من الملامح التي تُبرهِن أنَّ حسن وجمال هذا الفرد لتتكوّن وتَجتمِع مع كُل الخلجات التي أنجزها في حياته العامة والخاصّة على الحدِّ سواء، وهو ما نراه ماثلٌ الآن خلال سرد إنجازاته:

• بكالوريوس إدارة، جامعة كاليفورنيا مع مرتبة الشرف عام 1968م.
• ماجستير إدارة جامعة كاليفورنيا مع مرتبة الشرف عام 1970م.
• أمين عام مجلس الوزراء منذ 2/3/1426هـ.
• نائب للأمين العام لمجلس الوزراء منذ1/5/1416هـ حتى 1/3/1426هـ.
• أمين عام لمجلس الخدمة المدنية منذ 2 رمضان 1397هـ وحتى 29/4/1416هـ.
• مستشار إدارى بديوان رئاسة مجلس الوزراء بدءاً من غرة محرم 1396هـ حتى منتصف عام 1397هـ.
• معهد الإدارة العامة للفترة من 1390هـ حتى نهاية 1395هـ، وتولى خلالها الأعمال التالية :
– مُحاضر فى الإدارة والعلاقات الإنسانية.
– سكرتير الّلجنة العُليا للإصلاح الإدارى (1391هـ -1395هـ).
– مُدير البحوث والاستشارات (1393هـ – 1395هـ).
– عُضوٌ فى لجنة تَحرير مَجلّة الإدارة العامة.
– شارك خلال فترة وجُوده فى المعهد فى العديد من المُؤتمرات المحليّة والإقليمية والدولية، ذات العلاقة بمجال الاختصاص.

شرح كتاب سيرة عبدالرحمن بن محمد السدحان

الكِتاب الذي يُلامس شخصيّة هذا الأستاذ الكبير يُحاكِي العديد من التوضِيحات في حياته، وفي عمله وفِي دراسته كَذلك قبل أن يكُون له وجُودٌ حيّ في الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية، حيثُ أنَّ معالي الأستاذ الأديب القدير عبد الرحمن بن محمد السدحان، يَحكي سيرة رجُل مُنذ طفولته وحتّى أيامنا هذه، فِيه من الوضوح والشفافية ما فيه، وتِلك اللغة التي تُسربل بعض الناس بألبسة قاتمة مَخافةَ مَعرِفة الناس لبعض المواقف التي مرّوا بها، كونُهم يعانون فوبيا الخوف من “ الحرج “ فجاء معالي الأستاذ ليحطم هذه الجسور الوهمية، وينقل سيرته بحلوها ومُرّها ومُضحِكها ومُبكيها، ضمن قالب راقٍ، وإجادة في نقل “أدب السيرة “ أشبه ما يكون بالأسلوب القصصي.

هَذا وقد وقَع الكتاب بين يديّ لأتصفّحه على عجلةِِ مِن أمري، فإذا بي أطوي صفحاته الواحدة تلو الأخرى، فأسلوبه فيه من التشويق ما فيه مغناطيسية غير مرئية تجذبك للتسابُق إلى الوصول للصفحة الأخيرة منه، عناوينه جذّابة بشكلِِ مُلفت للقارئ.

كَما ويَعتمِد الكتاب لغة غير مُتكلّفة، حينما تقرؤه ينتابكم إحساس بأنكم تجلسون مع شخص تتسامرون معَه، يَنقل لكم كُل خبراته وتجاربه التي مر بها عبر قناةِِ لغوية سهلة سلسلة غير مُتحذلِقة، لغته لغة تصويرية، تأخذكم فِي عالم “سينمائي” مرئي حين يكون الكتاب بين أحضانكم، فاسمحوا أخواني وأخواتي أن أستعرِض لكم الكتاب بشكل مُوجز.

فِي ذلك الأمر وهذا فإنّه يُقدّم الكاتب شكره وعرفانه بداية الجزء الثاني من كتابه لكُل مَن مَنح سيرته بجُزأيها ذرةََ من وقته وذهنه ووجدانه، حتى ولو لم يرق له منها حرف واحد، ويَعتذِر عُذراً جميلاً لمن استمطرت بعض مَقاطعها من مُقلتهِ دمعة أسى، أو رسمت أخرى على مُحيّاه.

ثُم يَشرعُ في تبيان أسباب اتّكاء شُعوره بالفخر والفرح معاً، وإعداد الجزء الثاني من الكتاب:

  •  تردده في كتابة سيرته، لولا حث محبيه له ممن سمعوا فتافيتها في مناسبات متفرقة.
  •  ظنه أن ( أدب السير ) لم يعد يشد فضول القارئ المعاصر ، لكن ما كُتِبَ حول الجزء الأول من سيرته تعليقاً وعرضاً ونقداً وأدباً، صوب ظن مؤلفنا، وأصل في نفسه الرغبة في تطوير إنجازه الأدبي بكتابة جزء ثانٍ له.
  •  ردود الفعل التي قرأها وسمعها مَنحتهُ الثّقة أنّه لم يُثقل عَلى القارئ الكريم، وأن هُناك مواقف عديدة تستحقّ التدوين.

تَستمر الكتابات وبَعدها يبدأ أديبُنا الكَبير باستعراض مواقف حَياته التي يتذكرها، وشعوره حِيال بعضها، وتأثير بَعضها الآخر على صقلِ شخصيته وتكوِينه المعرفي وتوجهاته الثقافية، فالنّدم قد ساور الأستاذ السدحان حين قدّم للطائف آنذاك مُستذكراً إقامته في منزل العم عبد الرحمن السبيعي، والتحضير للسكن مع والده وتردده على منزل الشيخ إبراهيم بن عوشن ــ رحمه الله ــ و (جيران السعد ) المكونة من أب وأم وطفل صغير وفتاة ، الذي وجَد فيها زخّات من العطف والأُلفة التي هزّت مشاعره، مُتذكّراً مفاجأة التقائه بأمّه ــ رحمها الله ــ في سيارة أثناء قصدِها للحج.

ويَسترسل الكاتب في نقل تَجربة حَياته فِي الطائف آنذاك، وتجربة ختَانه في مكة المكرمة، مُستعرضاً أهم ما جرى له أثناء إقامته في مكة المكرمة، ثُمّ ينتقل بنا إلى جدّة ناقلاً أحاسيسه لنا، فَجازان مرّة أخرى التي أكمَل دراسته فيها، فجدة بعد جازان، إلى أن ينتقل للدراسة في لبنان، حيثُ سافر إليها جواً لأول مرّة، راوياً لنا تَجربة عيشه في ( فندق الصحة ) بزحلة، ومُفصّلاً لنا أسلوب الدراسة والحياة في لبنان أثناء دراسته هناك، حتى عودته للسعودية بعد أن أنهى عاماً دراسياً كاملاً هُناك، ويُواصل كاتبُنا سرد خبايا وتفاصيل وزوايا حَياته حين يتحدّث عن الانتقال إلى الرياض؛ لتبدأ معها مرحلة الاستقرار والتأسيس الجديد، فيذكُر مهمة ( السقا ) أواخر الليل، والغرفة متعدد الأغراض، ومحكمة المهداوي، واستوديو الديوانية، ونراه يذكر لنا معاناة شد الرحال للسيدة الوالدة ــ رحمها الله ــ ذاكراً للقارئ مواقف طريفة على هامش العَيش في الرياض، ونراه يخصص جزاءً من كتابه لبعض ذكريات العيش والدراسة في أمريكا خلال عقد الستينات من القرن الماضي، حيثُ يَصِف الدراسة في أمريكا بأنّها “الميلاد الثاني” فهي التي سببت له صَدمة حضارية ونفسية لا تُنسى، مستذكراً انطباعاته حول نيويورك ولوس أنجلوس.

ومن ثمّ يَنتقل بنا لإسقاط انطبَاعاته وملحُوظاته حول هوليوود والهنود الحمر ورُعاة البقر، ويذكُر لنا الكاتب وقَفات جميلة وذِكريات حُفِرت في ذاكرته، حيثُ يشرح كيف أن مجلّة الهدف التي تصدرها المقاومة الفلسطينية آنذاك كانت الطريق للتشرف بلقائه فقيد الشباب والثقافة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد آل سعود ــ رحمه الله ــ وكيف أنه فُوجِئ بالحشود المُكتظّة على الجوازات ليقفل راجعاً لاستعارة ذلك ( المشلح ) الذي جعل الناس تُفسِح له الطريق ليصل لمدير الإدارة ويُجدّد جوازه خلال دقائق، ليحصل على تأشيرة الدخول لأمريكا، وكيف كَانت نكبة حَرب عام 1967م حاضرة في حياته اليومية مع زملاء الدراسة في أمريكا أيامذاك، حيثُ كَانت القضية الفلسطينية محور أي نشاط يقيمه الطلاب العرب والسعوديون خاصة، مُستذكراً مواقف لا تنسى عنده على هامش القضية الفلسطينية، كسرقة الطلاب الصهاينة “حلات “ الطعام السعودي أثناء مهرجان الأطباق العالمية، وحرب “الدقائق الست “ بين طالب سعودي وآخر صهيوني، ورقص العرضة بِسيوف خشبية طُلِيت بالدهان الفضي، وعليها نجمة داوود وهم لا يعلمون، وتمرد الطلاب الليبيون على زملائهم السعوديين بعد انقلاب ( الفاتح )، وخاتماً كتابه ــ السينمائي ــ كما يجوز لي تسميته، بشهادة “براءة “ لحمار جده، مُبرئ الحمار من ذَنبه، حيثُ سقط كاتبنا وهُو صغير من على ظهر الحمار وكسر معصمه الأيسر، فبعد مُرور نحو نصف قرن من تلك الواقعة الأليمَة يحصل الحمار على شهادة براءة استحقها عن طيب خاطر.

هذا وقد احتوى الكتاب على ثَماني عشرة صورة في الصفحات الأخيرة مِنه، هي صور شخصية له ولوالده ولبَعض أفراد الأسرة، ولصحيفة حائط بالمدرسة النموذجيّة الابتدائية التي درس فيها، وأستطيع أنْ أقول : إنّ الكتاب يختصر سنوات كثيرة، خاض فيها المؤلف شتى التجارب، وتعرّض فيها لمواقف كثيرة ما بين مُفرحة ومحزنة، يخبرنا فيها عما حدث له وردة فعله تجاهها، عن تأثير هذه المواقف على سلوكه مُنحى مُعيّن وصقل خبراته في هذه الحياة ونظرته تجاهها، وأسلوب اتسم بالبساطة والإبداع في آن معاً، بوضوح الكلمة وما تعنيه، بسهولة صوغ الجمل في قالب مهضوم مفهوم للآخرين معلوم، وكتاب يجرك إلى تكوين صداقة حميمة معه بمجرد التعرف عليه ووقوعه بين يديك، فهو صادق واضح مباشر ومتحدث لبق.

حيث وأخيراً وليس آخراً، فإنني اعتبر الكتاب نموذجاً جميلاً لكُتب السّيَر الصادقة والمُشوقة، التي تجذب القارئ بإحسَاسِه بصدق كاتبها، فلا حرج من نَقلِ بَعض المواقف التي طالما اعتبرها الآخرون من المواقف التي يجب أنْ تُغلّف في علب سردينية وتلقى في الظلمات السبع كي لا يطّلع عليها أحد، فترى وتحس وأنت تقرأ الكتاب صدق الكاتب في نقل وقائع حياته بحلوها ومرها.

وفي النهاية نقف ونصُول ونجُول في كتابات وروايات هذا الأمر الذي نَفقِد التفضيل إذ لم يتم التطرّق إلى الإنجازات التي باتت سلسلة أشبَهُ بالعقد الذهبي الذي يلتف حول سيدات الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية.