طالما كانت ظاهرة قيادة المرأة في السعودية محّل جدل كبير وواسع في المجتمع السعودي المحافظ، كونه مجتمع مسلم يحافظ على العادات والتقاليد الإسلامية التي بدأت تغيب عن المجتمعات العربية بسبب ما يسمونه التحضر والتقدم الغربي الدخيل على مجتمعاتنا، والتي دائماً ينظر لهذا التقدم والتحضر على أنه الإنفتاح والإختلاط.

كما تنفرد المملكة العربية السعودية بكونها البلد الوحيد في العالم الذي تمنع فيه النساء من قيادة السيارات إلى هذا اليوم وتعتبر القضية قضية رأي عام في المجتمع السعودي، ورغم أن نظام المرور السعودي لا ينص على منع النساء من القيادة إلا أن تراخيص القيادة لا تصدر إلا للرجال.

رأي الإسلام في قيادة المرأة

بعد أن أحدثت هذه القضية بلبلة كبيرة في الشارع السعودي أفتي عموم علماء السعودية السنة بتحريم قيادة المرأة في السعودية للسيارة، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى عديدة بتحريمها تحت رئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، كما انتقد رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الصحف التي تتناول القضية مدافعا عن الحقوق التي تنالها المرأة في السعودية.

كما أفتى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بتحريمها معللا رفضه أن “المحاذير كثيرة وأخطر شيء أنها تعطيها الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء” كما أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بتحريمها قائلاً لا شك أن قيادة المرأة للسيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير هذا فضلاً عن أنها ربما تكون سلما وبابا لأمور أخرى ذات شرور فتاكة وسموم قاتلة.

وأيضاً أفتى الكثير من العلماء والمشايخ في المملكة العربية السعودية بتحريم قيادة المرأة في السعودية للسيارة، ومن هؤلاء العلماء سعود الفنيسان وخالد المصلح.

تاريخ المطالبة بحملات قيادة المرأة في السعودية

كانت هناك عدة حملات للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة في المملكة العربية السعودية، وأتت هذه الحملات في مراحل زمنية مختلفة، وكانت كل حملة تنتهي بالفشل لعدم تقبل المجتمع السعودي لهذا الأمر.

  • حملة 1990: والتي تعتبر من أبرز الحملات المنهاضة للمنع الحملة التي شهدتها السعودية في نوفمبر 1990 أثناء حرب الخليج الثانية، فأصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانا تحذيريا ينص على المنع، لكن في 6 نوفمبر 1990، شاركت 17 سيارة فيها 47 امرأة في الحملة، انتهى المطاف باعتقال النساء ومنعهن من السفر وفصلهن من وظائفهن واعتقال أزواجهن أو أبائهن بتهمة “عجزهم عن السيطرة على نسائهم”.
  • حملة 2011: تعالت الأصوات المطالبة بالسماح بقيادة المرأة إبان ثورات الربيع العربي وُحدد يوم 17 يونيو 2011 يوما تقود فيه النساء سياراتهن لقضاء حوائجهن وسميت الحملة “سأقود سيارتي بنفسي”، شاركت في إطلاق الحملة الناشطة منال الشريف التي صورتها الناشطة وجيهة الحويدر وهي تقود سيارتها في مدينة الخبر ونشر المقطع على يوتيوب يوم 20 مايو وشوهد أكثر من 600،000 مشاهدة، أوقف المرور منال يوم 21 مايو وهي تقود مع أخيها وزوجته وأطفاله وأستدعيت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الموقع وتم الإفراج عنها بعد ساعات، لكن أعيد اعتقالها في فجر اليوم التالي واتهمت ب”إخلال النظام”، ودعت منظمات حقوقية دولية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إلى إطلاق سراحها، لكن استمر احتجازها 10 أيام وأطلقت بكفالة وتعهد خطي بعدم التكرار.وفي 26 مايو، كررت وزارة الداخلية تحذيرها للنساء من القيادة وصرح نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود بأن المنع بالنسبة للوزارة لا يزال ساريا، وفي يوم 10 يونيو، ألقى المرور القبض على أربع نساء كن يتعلمن القيادة في شارع فرعي في الرياض وأطلق سراحن بعد تعهد بعدم التكرار.أما في 17 يونيو، ذكرت وسائل الإعلام أن عشرات النساء قدن، وانتشرت سيارات المرور في شوارع المدن الرئيسية وتأكد إيقاف امرأة واحدة على الأقل في الرياض وغُرّمت لعدم حيازتها رخصة رغم حملها رخصة دولية وأخرى أمريكية.وفي 28 يونيو ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القبض على 5 نساء وهن يقدن في جدة وفي 24 أغسطس أوقف المرور امرأة وهي تقود لكن أطلق سراحها بعد ساعات دون تعهد.
  • حملة 2013: ظهرت دعوات جديدة بقوه في المجتمع السعودي من ناشطات سعوديات لحمله القيادة في السعودية للنساء من جديد، هذه المرة تم تحديد موعد للحملة تنطلق فعالياتها في 26 أكتوبر 2013، وقد ظهرت تلك الحملة ودعى إليها العديد من الناشطات السعوديات، وبعد فشل الحملة بعد تنبيهات وقرارات نفذت من وزارة الداخلية السعودية قبل 26 أكتوبر قرر بعض نشطاء تويتر أطلق حملة سخرية ان تقود المرأة في يوم غير موجود حتى لايشكك بها حيث أطلق على الحملة اسم قيادة 31 نوفمبر.
  • حملة 2014: في 30 نوفمبر قامت الناشطة لجين الهذلول باستغلال إتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي بسريان رخص القيادة في جميع دول المجلس حيث قامت بإستخراج رخصة قيادة من دولة الإمارات العربية المتحدة وهي سارية المفعول في المملكة العربية السعودية حسب الإتفاقية.وبعد قيادتها لسيارتها الخاصة من الإمارات إلى السعودية تم إيقافها عبر الجمارك السعودية عند المنفذ الحدودي وبقيت 24 ساعة محتجزة في المنفذ الحدودي حيث رفضوا السماح بدخولها وهي تقود سيارتها، حضرت بعد ذلك المذيعة السعودية ميساء العمودي إلى مكان إيقاف لجين في المنفذ الحدودي وحضرت قوات الأمن إلى الموقع وتم إعتقال الفتاتين في ظل تكتم إعلامي محلي ودون وجود تفاصيل حول التهم الموجهة إليهما أو عن مكان إعتقالهما.وفي تاريخ 2 ديسمبر اطلقت مغردات حملة معارضة لقيادة المرأة للسيارات كرد على حملة المطالبة بالقيادة للمرأة، ورأت المغردات أن أمر السماح بالقيادة يجب أن يصدر من ولاة الأمر و من المجتمع السعودي وليس من خلال الأساليب التي تم استخدامها من قبل المطالبات بقيادة المرأة، وكان شعار حملتهم نظام وليس إرغام وذلك بعد ان تم ايقاف احدى النساء وهي تقود بمفرده محاوله لدخول للمملكه عند المنفذ الحدودي بين الإمارات و السعودية.
  • حملة 2025: قامت عدة حملات في السعودية من قبل اعلاميات وناشطات على موقع التواصل الإجتماعي تويتر للسماح بقيادة المرأة في السعودية للسيارة، والتي أيضاً لم تجد أي دعم حكومي ومجتمعي في السعودية.

مجلس الشورى يرفض قيادة المرأة في السعودية

في تاريخ 31 أكتوبر 2025 قام مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية أثناء جلسته برفض توصية تطالب بتهيئة بيئة مناسبة لقيادة المرأة للسيارة.

حيث قام 62 عضو من مجلس الشورى برفض التوصية على قيادة المرأة للسيارة، فيما وافق 65 من أعضاء الشورى على التوصية، وبهذا بإن التوصية تم رفضها لأن أي قرار في مجلس الشورى لكي يتم إقراره يجب أن يحصل على 76 صوتاً مؤيداً على الأقل.

وكان عضو مجلس الشورى الدكتور سلطان السلطان قد قام مؤخراً بتقديم توصية تطالب وزارة التنمية الإجتماعية بالتعاون مع وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية بدراسة بيئة مناسبة للسماح بقيادة المرأة للسيارة، بهدف تخفيف العبئ على الأسرة السعودية في النقل.