يُعدّ الشعر الفصيح من الأشعَار التي تَدخل في كافة المواضيع، ويقوم بنقاشها وتفسيرها بين سطوره، كَما أن الشعر الفصيح يتميّز بجَمال مَعانيه ويُشكل إيقاعََا خاصََا على السامعين والقارئين لأبياته، ورُغم اختلاف الشعر الفصيح في مَجالاته وخطوطه وألوانه إلّا أنّه له رونق وطابع خاص في التنقل بين سطور أبياته وصفحاته، ويتحدث الشعر الفصيح عن الحُب والصداقة، ويُبيّن خسارة الشخص الذي لم يحافظ على اصدقائه ويُشبّه الصديق بالكنز الذي لا يُعوّض، ويشدد على ضرورة انتقاء الأخلاق في التعامل مع الناس لنَيل محبتهم وودهم، في هذه فهرسة نعرض لكم ابيات شعر فصيح جميلة جدََا ومعبرة.

شعر فصيح

تَعددت قصائد الشعر الفصيح واختلفت في أبياتها، فمنهَا مَن تَحدّث عن الحب، ومِنها من تحدّث عن الصداقة، واختلفت هذه الأبيات من الشعر الفصيح في وصفها ومعانيها ومن أهم وأحلى أبيات شعر فصيح هى:

  • إِذَا المَـرْءُ لاَ يَـرْعَـاكَ إِلاَ تَكَلُّفـاً فَـدَعْهُ وَلاَ تُكْثِـرْ عَلَيْـهِ التَّأَسُّفَـا
  • فَفِي النَّـاسِ أَبْدَالٌ وَفِي التَّرْكِ رَاحَـةٌ وَفي القَلْبِ صَبْـرٌ لِلحَبِيبِ وَلَوْ جَفـا
  • فَمَا كُلُّ مَنْ تَـهْوَاهُ يَهْـوَاكَ قَلْبُـهُ وَلاَ كُلُّ مَنْ صَافَيْتَـهُ لَكَ قَدْ صَفَـا
  • إِذَا لَمْ يَكُـنْ صَفْـوُ الوِدَادِ طَبِيعَـةً فَلاَ خَيْـرَ فِي خِـلِّ يَـجِيءُ تَكَلُّفَـا
  • وَلاَ خَيْـرَ فِي خِلٍّ يَـخُونُ خَلِيلَـهُ وَيَلْقَـاهُ مِنْ بَعْـدِ المَـوَدَّةِ بِالجَفَـا
  • وَيُنْكِـرُ عَيْشـاً قَدْ تَقَـادَمَ عَهْـدُهُ وَيُظْهِـرُ سِرًّا كَانَ بِالأَمْسِ قَدْ خَفَـا
  • سَلاَمٌ عَلَى الدُّنْيَـا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِـهَا صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِـفَا

شعر فصيح عن الحياة

ومن الألوان التي تناولها الشعر الفصيح في الوصف أبيات جميلة ومٌعبرة عن الحياة وهي كالآتي:

أنا وَهّابـــــــي أفخرُ ثُمَّ أشْرُفْ … إذا افتخروا برَفْضٍ أو تصَوّفْ

أدينُ اللهَ بالديـــــنِ المُصَفّــــى … عن الأدْرانِ مِن شـــرْكٍ مُقرّفْ

ومِن فعْــلِ ابتــــداعٍ لا اتبـــاعٍ … عن المِناهجِ يُبعِدُهمْ ويصْرِفْ

سبيلُ محمـــدٍ قَصْديْ ونَهْجيْ … على أثــــرِ الأُلَـــى فيهِمْ وأَلَّـف

صِحاب محمــــدٍ أكْـرِمْ بِصَحْـبٍ … فإنَّ الصَّحْبَ بالمصحوبِ تُعْرَفْ

وقولُ الوحْيِ عنديْ لا يضاهَى … ورايتُــــهُ على كلٍّ تُــرَفـــــرِفْ

إذا اتّبعوا الهوى أو رأيَ عقلٍ … يقولُ بهِ دَعِـــيٌّ أو مُخـــــرّف

شعر فصيح عن الكرم

كضما تناول الشعر الفصيح في أبياته معاني الكَرم والسّخاء والجُود بين الناس، وفي ذلك يقول الشاعر:

ما للكــرامِ مُقـامٌ فيـهِ إذْلالُ … تأبَى الكـرامُ مكانًا فيهِ أنْذالُ

شُمُّ الأنوفِ يَرونَ الموتَ مَكرُمةً … حينَ الحـياةُ لها بالذلِّ إقبالُ

لهُمْ مَقـامٌ رَفيـعٌ يُعْرَفونَ بِـهِ … رأيٌ وجودٌ وحِلْمٌ فيهِ إجْلالُ

أهْلُ الوَفاءِ لِمَن بالودِّ عاهَدَهُمْ … إنّ الوفاءَ لهمْ تاجٌ وسرْبالُ

لا يغَدُرون وإن كانـوا بمَقْـدرةٍ … فما لهمْ فيْ فِعالِ الغدْرِ مِثقالُ

كَفَى بِالّذِي تُولِينَهُ لَوْ تَجَنّبَا… شفاءً لسقمٍ، بعدما عاد أشيبا

على أنّها كانتْ تأوَّل ُحبَّها … تأوُّلَ ربعيّ السَّقابِ، فأصبحا

فَتَمّ عَلى مَعْشُوقَة ٍ، لا يَزِيدُهَا …إليهِ، بلاءُ الشّوقِ، إلا تحبنُّبا

وَإني امْرُؤٌ قَدْ باتَ هَمّي قَرِيبَتي ….تَأوّبَني عِنْدَ الفِرَاشِ تأوّبَا

سأوصي بصيراً إنْ دنوتُ من البلى… وَصَاة َ امْرِىء ٍ قاسَى الأمُورَ وَجَرّبَا

بأنْ لا تبغّ الودّ منْ متباعدٍ… وَلا تَنْأ عَنْ ذِي بِغْضَة ٍ أنْ تَقَرّبَا

فَإنّ القَرِيبَ مَنْ يُقَرّبُ نَفْسَهُ….لَعَمْرُ أبِيكَ الخَيرَ، لا مَنْ تَنَسّبَا

مَتى يَغتَرِبْ عَنْ قَوْمِهِ لا يجدْ لَهُ …. عَلى مَنْ لَهُ رَهْطٌ حَوَالَيْهِ مُغضَبَا

ويحطمْ بظلمٍ لا يزالُ لهُ …. مصارعَ مظلومٍ، مجرّاً ومسحبا

وتدفنُ منهُ الصّالحاتُ، وإنْ يسئْ … يكُنْ ما أساءَ النّارَ في رَأسِ كَبكَبَا

وليسَ مجبراً إنْ أتى الحيَّ خائفٌ،… وَلا قَائِلاً إلاّ هُوَ الُمتَعَيَّبَا

أرَى النّاسَ هَرّوني وَشُهّرَ مَدْخَلي …. وفي كلّ ممشى أرصدَ النّاسُ عقربا

فأبْلِغْ بَني سَعدِ بنِ قَيسٍ بِأنّني… عتبتُ فلما لمْ أجدْ، ليَ معتبا

صرمتُ ولمْ أصرمكمُ، وكصارمٍ …. أخٌ قد طوى كشحاً وأبَّ ليذهبا

ومثلُ الّذي تولونني في بيوتمك …. يُقنّي سِناناً، كالقُدامى ، وَثَعّلَبَا

ويبعدُ بيتُ المرءِ عن دارِ قومهِ …. فَلَنْ يَعْلمُوا مُمْسَاهُ إلاّ تحَسُّبَا

إلى مَعشَرٍ لا يُعْرَفُ الوُدّ بَيْنَهُمْ؛ … وَلا النّسَبُ المَعْرُوفُ إلاّ تَنَسُّبَا

أرَاني لَدُنْ أنْ غابَ قَوْمي كأنّمَا … يرانيَ فيهمْ طالبُ الحقّ أرنبا

دعا قومهُ حولي فجاءوا لنصرهِ… وناديتُ قوماً بالمسنّاة ِ غيَّبا

فأضوهُ أنْ أعطوهُ منّي ظلامة ً … وَما كُنتُ قُلاًّ قَبلَ ذَلِكَ أزْيَبَا

وَرُبّ بَقِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ بجَوّهِ، …. أتَاني كَرِيمٌ يَنفُضُ الرّأسَ مُغضَبَا

أرى رجلاً منكمْ أسيفاً كأنّما… سضمّ إلى كشيحهٍ كفّاً مخضَّبا

وَمَا عِنْدَهُ مَجْدٌ تَلِيدٌ، وَلا لَهُ … من الرّيحِ فضْلٌ لا الجَنوبُ وَلا الصَّبَا

وَإني، وَما كَلّفْتُموني وَرَبِّكُمْ …. ليعلمَ منْ أمسى أعقَّ وأحربا

لكالثّوِ، والجنّيُّ يضربُ ظهرهُ… وما ذنبهُ أنْ عافتِ الماءَ مشربا

وما ذنبهُ أنْ عافتِ الماءَ باقرٌ…. وما إنْ تعافُ الماء إلاليضربا .

شعر فصيح عن الوطن

ووصف الشعر الفصيح في أبياته الوطَن بأبلغ الكلمات التي تَحمِل في طيّاتها أسمى معاني الوفاء والتضحية للأوطان:

  • الي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ

وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً

كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا
وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إِليهمُ

مآربُ قضاها الشبابُ هنالكا
إِذا ذَكَروا أوطانهم ذكرَّتهمُ

عهودَ الصِّبا فيها فَحنُّوا لذاكا
فقد ألفتهٌ النفسُ حتى كأنهُ

لها جسدٌ إِن بان غودرَ هالكا
موطنُ الإِنسانِ أمٌ فإِذا

عقَّهُ الإِنسانُ يوماً عقَّ أمَّه.

  • بلادي لا يزالُ هواكِ مني

كما كانَ الهوى قبلَ الفِطامِ
أقبلُ منكِ حيثُ رمى الأعادي

رُغاماً طاهراً دونَ الرَّغامِ
وأفدي كُلَّ جلمودٍ فتيتٍ

وهي بقنابلِ القومِ اللئامِ
لحى اللّهُ المطامعَ حيثُ حلتْ

فتلكَ أشدُّ آفات السلامِ.

  • ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخراًُ لهُ

فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم يبنْ في قومهِ ناصحاً لهم

فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ
ومن كانَ في أوطانهِ حامياً لها

فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمى

فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ.

  • بلادي هواها في لساني وفي دمي

يُمجّدُها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ

ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها

يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ

فآواهُ في أكنافِهِ يترنم
وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها

فداء وإن أمسى إليهنَّ ينتمي
على أنها للناس كالشمس لم تزلْ

تضيءُ لهم طراً وكم فيهمُ عمي
ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها

تجبه فنون الحادثات بأظلم
ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره

أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم
وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها

فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم
وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها

وهل يترقى الناسُ إلا بسُلَّمِ
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ

على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم
ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ

إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم.

  • ذكرتُ بلادي فاسْتَهَلَّتْ مدامي

بشوقي إِلى عهدِ الصِّبا المتقادمِ
حننتُ إِلى أرضٍ بها اخضرَّ شاربي

وقطِّع عني قبل عقدِ التمائمِ.

شعر فصيح عن الحب والفراق

وبيّن الشعر الفصيح أشكَال وألوان عَذاب الفراق ما بَعد الحب و وقعه عَلى الرّوح.

  • ألا إِن قلبي من فراق أحبتي

وإن كنت لا أبدي الصبابة جازع
ودمعي بين الحزن والصبر فاضحي

واستري عن العُذّال عاصٍ وطائع.

  • شكا ألمَ الفراقِ الناسُ قبلي

ورُوِّعَ بالنوى حيٌ وميتُ
وأمّا مِثْلُ ما ضَمَّتْ ضلوعي

فإِني ما سَمِعْتُ ولا رَأَيْتُ.

  • إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة

فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ما أُرِيدُهُ

فعندي لأخرى عزمةٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن

يكُن فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ.

  • ومافي الأرضِ أشْقَىْ من مُحِبٍّ

وإِن وجدَ الهوى حلوَ المذاَقِ
تراهُ باكياً في كلِّ وقتٍ

مخافةَ فرقةٍ أو لاشتياقِ
فيبكي إِن نَأوا شوقاً إِليهم

ويبكي لإِن دَنَوا خوفَ الفراقِ
فتسخُنُ عينهُهُ عندَ التنائيْ

وتسخنُ عينُه عند التلاقي.

  • أشكو الفراق إلى التلاقي

وإلى الكرى سهرَ المآقي
وإلى السُّلوِّ تفجُّعي

وإلى التصبُّر ما أُلاقي
وإلى الذي شطتْ به

عني النَّوى طول اشتياقي
وطوتْ حشايَ على الجوى

لما طوتْه يدُ الفراق
صبراً فرُب تفرقٍ

آتٍ بقربٍ واتفاق.

  • فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ

وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ

إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً

منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ

عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ

بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ

عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى

هوىً كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ

وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ

وَأصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشّكّ مُظلِمِ
أُصَادِقُ نَفسَ المرْءِ من قبلِ جسمِهِ

وَأعْرِفُهَا في فِعْلِهِ وَالتّكَلّمِ.