أبدَع الشُّعراء في كتَابة شعر عن الاب صَاحب الصّدر الحنُون والقلب الكبير، وإذا نَظرت لإنسان نَاجِح في حَياته فاعلم أن سِرّ نَجاحُه هُو والِده بَعد فضل الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يَعمل ويَتعب مِن أجل أن يُوفّر لنا لُقمة العَيش والحَياة الكريمة، حيثُ وهَب عمره وحَياته وأفناه لأبنائه وأسرته، فهو السّند الذي نتّكئ عليه والمَرجع الذي نلجأ إليه ونحتاج لأقواله وأحكامه التي تُرشِدنا وتُنِير دربنا وطريقنا، الأب جَوهرة الحياة اللامعة التي تبعث فِينا الأمل والتّفاؤل والإصرار لتَحقِيق مَا نَسعى إليه، وأقل ما نُعبّر به عن حبنا وإخلاصنا لهذا الشخص الكبير في عطائه وحنانه هُو شعر عن الاب يحملأسمى معانى الوفاء والمحبّة للأب الغالى.
شعر عن الاب
الأب هُو مَصدر القُوّة بالنّسبة لنا ومنبع للأمل والتفاؤل، حيثُ لا نستطيع أن نُقدّر جميله وعطاءه فِي الدّنيا، وحتى بعد مماته، وفيه قَال الشُّعراء أبياتََا من الشعر نعرضها لكم نتمني أن تنال إعجابكم.
شعر عن الاب الحنون
أقل كَلام شُكر وتَقدِير ومَحبّة نقوله في حق الأب هو بعض الأبيات مِن الشعر الراقية والمُعبّرة، ومنها:
يا أبَتِي، تلاشى ذلك التَّعَبُ
كشمسٍ خلف تلك القمَّةِ الشمَّاءِ تَحتجِبُ
سنونَ العمرِ قد ذهبتْ
وأبقتْ في مُخيِّلتِي
طيوفاً من مرارتها بكَتْ في جَفْنِيَ الْهُدُبُ
أتذكُرُ يومَ أنْ كُنا
على الأبواب نرتَقِبُ؟!
نرى ظِلاًّ على الدربِ
ولهفتُنا تزيدُ، تزيدُ لَمَّا كنتَ تقتربُ
لأنكَ سوفَ تحملنا على كتفيكَ في حُبِّ
على عينيك والقلْبِ
وكنتُ أظنُّ يا أبتي
بأنِّي حين تحملُني تناجيني نجومُ الليل والشُّهُبُ
لقد كُنا نرى ظِلاًّ
فلم نكُ مرَّةً نرنو
لوجهك في النهار ضُحًى
ولا ظهراً ولا عصرا
ولا عند المغيب مَسا
فإنك دائماً تَمضي
إلى عملٍ معَ الفجْرِ
تُقَبِّلُنا, تُودِّعُنا..
ودمعةُ أُمِّنا تجري
وإنك كنتَ في حَلَكِ الدُّجى تأتي
تُطِلُّ كطلعةِ البدْرِ
وفي عينيك نَوحُ أسى
وجسمكَ هَدَّهُ التَّعَبُ
ويبسِمُ ثغرُكَ الوضَّاءُ في شغفٍ
وتضحكُ كي تُخبِّئَ عن صغارِك كل آلامٍ تُعانيها
ولكنْ كنتُ من صِغري
أرى الآلام تبدو من ثنايا البسمةِ الْحُبلى بآهاتٍ وأشجانِ
وأنَّاتٍ وأحزانِ
فمهما كنتَ – يا أبتي – تُواريها
بنورِ جبينكَ الأَسنى
وبسمةِ وجهكَ الأسمى
وثغرُك باسماً يبدو
وبلبلُ دَوحِهِ يشدُو
فكنتُ أرى ضلوعَ الصَّدْرِ تلتَهِبُ
ومقلةَ عينِكَ الوسْنى
تُكَفْكِفُ عبرةً حَرَّى
وتنفثُ زفرةً أُخرى
ومنكَ القلبُ ينتحِبُ
ومَرَّ العُمْرُ طيفَ كَرى
كبَرقٍ في الظلام سَرى
وأنت اليومَ قد جاوزتَ سِتِّيناً من العُمْرِ
مضَتْ.. لكنها كانت كحمْل الدَّينِ والصَّخْرِ
وتبقى أنتَ نبراساً لنا – أبتي –
تُنِيرُ حَوالكَ الدَّهْرِ
تُعلِّمنا وتُرشدنا
بعلمٍ منكَ لا تأتي به الكُتُبُ
وكنتَ تقول: أولادي
مع التَّقْوى
مع الإيمانِ بالقَدَرِ
يعيشُ المرءُ في الدنيا بلا ضنْكٍ ولا قهْرِ
وحُبُّكَ كان يُمطرنا بتحنانٍ
مدى الأيامِ لا تأتي به السُّحُبُ
نظمتُ قصيدةً لأبي
بدمعِ الحب والإخلاصِ والياقوتِ والذهبِ
ومِنْ عَرَقٍ لِجَبْهتِهِ
أخذتُ مِدادَ قافيتي
مداداً مُثقَلاً بالهمِّ والآلام والنَّصَبِ
نظمتُ قصيدةً لأبي
ببحرٍ سوف أملؤُهُ
بمهجة قلبيَ الْمُضنى
بأوردتي
قوافيها هي الشُّهُبُ
وذي كلماتِيَ الخجلى
تقول اليوم: يا أبتي
تلاشى ذلك التَّعَبُ
شعر عن الاب المتوفي
أكبر جُرح يُصِيب الإنسان ويَقضِي على إحساسه بالحياة هُو فقدان أبيه الذي كان سندًا وعونََا له، وفي ذلك يقول الشاعر قولا حزينََا مِن الشعر، وهو:
وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ
وأُقْصِيتَ عَنَّا
فَلَمَّا فَقَدْناكَ ذاكَ النَّهارْ
وجُرِّدْتَ مِنَّا
أتينا إليْكْ
بَكَيْنا عَلَيْكْ
فَقَدْ كُنْتَ فينا كعصْفورِ أيْكْ
بِحُبٍ تَغَنَّى
وقَدْ كُنْتَ فينا مع الحُلْمِ حُلْمَاً
معَ العُمْرِ عُمْرَاً
معَ اللَّيْلِ بَدْراً بهِ قَدْ فُتِنَّا
وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ
لَقَدْ كانَ يَوْمَاً عَصيباً عَلَيْنا
فَوا أسَفا حَيْثُ ضَاعَ الشَّبابْ
فَقَدْ كانَ كالشَّمْسِ ما إن تَبَدَّتْ
فَكَيْفَ تَوارَى
وفى الفَجْرِ غَابْ ؟!
وَها صارَ كالحُلْمِ نَهْفوا إليهِ
فَنَلْقاهُ حَيْثُ انتهيْنا
سَرَابْ
وما كُنْتُ أَحْسَبُ أنَّ الليالى
سَتَغْتالُ نُدْمانَها والشَّرابْ
وأنَّ نُجومَ السَّما النَيْراتِ
سَتَهْوِى
ليَعْلو ذُراها التُّرابْ !!
ويُصْبِحُ مَنْ كانَ يَمْشى الهُوَيْنا
يُحَلِّقُ كالطَّيْرِ
بَلْ كالشِّهابْ
ويَجْتاحُنا الحُزْنُ حتَّى كَأنَّا
كَفُلْكٍ
تَرَامَتْ بطَامِى العَبَابْ
وَدَاعاً أبى
وَدَاعاً فللمَوْتِ جُرْحٌ عَمِيقٌ
وَدَاعاً فللمَوْتِ ظُفْرٌ وَنَابْ
ودَاعاً أبى وَلْتَنُلْ حَيْثُ تَرْقَى
رَفيعَ الجِنانِ وحُسْنَ المَآبْ
شعر عن الاب بالفصحي
شعر عن الاب بالفصحي للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي:
طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
- وذا بعضها الثاني يفيض به جفني
أبي! خانني فيك الرّدى فتقوضت
- مقاصير أحلامي كبيت من التّين
وكانت رياضي حاليات ضواحكا
- فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني
وكانت دناني بالسرور مليئة
- فطاحت يد عمياء بالخمر والدن
فليس سوى طعم المنيّة في فمي
- وليس سوى صوت النوادب في أذني
ولا حسن في ناظري وقلّما
- فتحتهما من قبل إلاّ على حسن
وما صور الأشياء ، بعدك غيرها
- ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن
على منكي تبر الضحى وعقيقه
- وقلبي في نار ، وعيناي في دجن
أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي
- وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن
فمستنكر كيف استحالت بشاشتي
- كمستنكر في عاصف رعشة الغضن
يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى
- وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني
شخصت بروحي حائرا متطلعا
- إلى ما وراء البحر أأدنو وأستدني
كذات جناح أدرك السيل عشّها
- فطارت على روع تحوم على الوكن
فواها لو أنّي في القوم عندما
- نظرت إلى العوّاد تسألهم عنّي
ويا ليتما الأرض انطوى لي بساطها
- فكنت مع الباكين في ساعة الدفن
لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها
- وإن كان لا يوفى بكيل ولا وزن
فأعظم مجدي كان أنك لي أب
- وأكبر فخري كان قولك: ذا ابني!
أقول : لي إنّي… كي أبرّد لوعتي
- فيزداد شجوي كلّما قلت : لو أني!
أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى؟
- أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن!
أبي! وإذا ما قلتها فكأنني
- أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني
لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى
- فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ؟
خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا
- ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن
فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى
- ورأى كحدّ السّيف أو ذلك الذهن
وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة
- كأرض بلا ماء وصوت بلا لحن
فما بك من ضرّ لنفسك وحدها
- وضحكك والإيناس للبحار والخدن
جريء على الباغي، عيوف عن الخنا،
- سريع إلى الداعي ، كريم بلا منّ
وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر
- لبيب دقيق الفهم والذوق والفنّ
فما استشعر المصغي إليك ملالة
- ولا قلت إلاّ قال من طرب: زدني
برغمك فارقت الربوع ىوإذا
- على الرغم منّا سوف نلحق بالظعن
طريق مشى فيها الملايين قبلنا
- من المليك السامي عبده إلى عبده الفنّ
نظنّ لنا الدنيا وما في رحابها
- وليست لنا إلاّ كما البحر للسفن
تروح وتغدو حرّة في عبابه
- كما يتهادى ساكن السجن في السجن
وزنت بسرّ الموت فلسفة الورى
- فشالت وكانت جعجعات بلا طحن
فأصدق أهل الأرض معرفة به
- كأكثرهم جهلا يرجم بالظّنّ
فذا مثل هذا حائر اللبّ عنده
- وذاك كهذا ليس منه على أمن
فيا لك سفرا لم يزل جدّ غامض
- على كثرة التفصيل في الشّرح والمتن
أيا رمز لبنان جلالا وهيبة
- وحصن الوفاء المحصن في ذلك الحصن
ضريحك مهما يستسرّ وبلذة
- أقمت بها تبني المحامد ما تبني
أحبّ من الأبراج طالت قبابها
- وأجمل في عينيّ من أجمل المدن
على ذلك القبر السلام فذكره
- أريج بهنفسي عن العطر تستغني
شعر عن الاب فيس بوك
هُنا مَجمُوعة من الأشعار عَن الأب مُناسِبة للفيس بوك وتويتر يُمكنكم مُشاركتها مع أصدقائكم، وهِي للشاعر أبى العلاء المعرّي، فهي الآتي :
وأعط أباك النصف حيا وميتا
- وفضل عليه من كرامتها الأما
أقلك خفا إذا أقلتك مثقلا
- وأرضعت الحولين واحتلمت تما
وألقتك عن جهد وألقاك لذة
- وضمت وشمت مثلما ضم أو شما
جنى أب ابنا غرضا
- إن عق فهو على جرم يكافيه
تحمل عن أبيك الثقل يوما
- فإن الشيخ قد ضعفت قواه
أتى بك عن قضاء لم ترده
- وآثر أن تفوز بما حواه
شعر حزين عن الاب
الأب هُو الصدر الحنون والقَلب الطيب الذي يَبخل عَلى نَفسِه ويُعطي أبناءه، يَخاف عَلينا أكثر من نفسِه يَسعد لسَعادتِنا، ويَبكِي لحُزننا وضيقنا، فنحن نحتاجه فِي كُل وَقت وحين حتى بَعد مماته.
ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك
- يا أبي ومشاعري عمياء بأحزانِ-
أني سأظمأُ للحياة ِ، وأحتسي
- مِنْ نهْرها المتوهِّجِ النّشوانِ
وأعودُ للدُّنيا بقلبٍ خَافقٍ
- للحبِّ، والأفراحِ، والألحانِ
ولكلِّ ما في الكونِ من صُوَرِ المنى
- وغرائبِ الأهُواء والأشجانِ
حتى تحرّكتِ السّنون، وأقبلتْ
- فتنُ الحياة ِ بسِحرِها الفنَّانِ
فإذا أنا ما زلتُ طفِْلاً، مُولَعاً
- بتعقُّبِ الأضواءِ والألوانِ
وإذا التشأوُمُ بالحياة ِ ورفضُها
- ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ
إنَّ ابنَ آدمَ في قرارة ِ نفسِهِ
- عبدُ الحياة ِ الصَّادقُ الإيمانَ
شعر عن الاب لاحمد شوقي
لا شكّ أنّ الشاعر أحمد شَوقِي مِن أبدع الشعراء العرب الذين تغنّوا بقَصائدهم عَن الأب وحَنانه وعَطائه اللا مَحدُود، وفي ذلك يقول:
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟
- ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ
أَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكم!
- أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌ
- كلُّ نفس للمنايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى
- ونَعى الناعون خيرَ الثقلين
غاية ُ المرءِ وإن طالَ المدى
- آخذٌ يأخذه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجزاً
- نافضاً من طبَّه خفيْ حنين
إنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْ
- أَوشكَتْ تصْدعُ شملَ الفَرْقَدَيْنْ
تنفذ الجوَّ على عق
- بانه وتلاقي الليثَ بين الجبلين
وتحطُّ الفرخَ من أَيْكَته
- وتنال الببَّغا في المئتين
أنا منْ مات، ومنْ مات أنا
- لقي الموتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجة ً في بدنٍ
- ثم صِرْنا مُهجة ً في بَدَنَيْن
ثم عدنا مهجة في بدنٍ
- ثم نُلقى جُثَّة ً في كَفَنَيْن
ثم نَحيا في عليٍّ بعدَنا
- وبه نُبْعَثُ أُولى البَعْثتين
انظر الكونَ وقلْ في وصفه
- قل: هما الرحمة ُ في مَرْحَمتين
فقدا الجنة َ في إيجادنا
- ونَعمْنا منهما في جَنّتين
وهما العذرُ إذا ما أُغضِبَا
- وهما الصّفحُ لنا مُسْتَرْضَيَيْن
ليتَ شعري أيُّ حيٍّ لم يدن
- بالذي دَانا به مُبتدِئَيْن؟
ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُه
- وأَماتَ الرُّسْلَ إلاَّ الوالدين
طالما قمنا إلى مائدة ٍ
- كانت الكسرة ُ فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحدٍ
- وغسلنا بعدَ ذا فيه اليدين
وتمشَّيْنا يَدي في يدِه
- من رآنا قال عنّا: أخوين
نظرَ الدهرُ إلينا نظرة ً
- سَوَّت الشرَّ فكانت نظرتين
يا أبي والموتُ كأسٌ مرة ٌ
- لا تذوقُ النفسُ منها مرتين
كيف كانت ساعة ٌ قضيتها
- كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعة ً
- أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكاً
- جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عين
أنت قد علمتني تركَ الأسى
- كلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْن
ليت شعري: هل لنا أن نتلقي
- مَرّة ً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟
وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى
- أَنلقَى حُفرة ً أَم حُفْرتين؟