هنا شرح قصيدة المساء ايليا ابو ماضي القصيدة الجمِيلة والرائعة والتي تدعُو للتفاؤل ونبذ الأحزان، كما وتتمتع بجمال الطبيعة، كما ويتّخذ الشاعر إيليا أبو ماضي في هذه القصيدة الجميلة اسم سلمى الذي يُعدّ رمز للناس من حياة الشقاء والبؤس، أولئك الناس الذين لا يرون من الطبيعة إلا الألوان السوداء ويعيشون حياة الوهم الذي لا يبرر لهم وجود الحياة الجميلة، فهذا القصيدة تُعدّ من أجمل القصائد الرائعة، لهذا في فهرس التالي سنتطرق شرح قصيدة المساء ايليا ابو ماضي، القصيدة المميزة التي يدعو فيها الى التفائل والفرح.

ايليا ابو ماضي

الشّاعر إيليا أبوماضي مسيحي الديانة، والذي هَاجر إلى فهرسية المصرية وعمل في الصحافة، وقام بنشرِ ديوانه الاول وهو بسن الثاني والعشرين عامًا، ومن ثَمّ هَاجر الى امريكا وانضم للرابط القلميّة الذي قام بتأسيسها جبران خليل جبران، وفي عام 1929 اصدر جريدة السمير التي تعد من أهمّ مصادر الادب في المهجر الشمالي، وله ثلاثة دوواين وهي الجداول، والخمائل، وديوان إيليا أبو ماضي.

شرح كامل قصيدة المساء ايليا ابو ماضي

الشرح والتصوير الفني الأدبي الكامل للقصيدة الجميلة للشاعر إيليا ابو ماضي قصيدة المساء التي جسّدت إسم سلمى ليستوحي منه كل معالم الاحساس التي يشعر بها الانسان الفقير.

  • المقطع الشعري الأول :-
    • السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفین
    • والشمس تبدد خلفھا صفراء عاصبة الجبین
    • والبحر ساج صامت فیه خشوع الزاھدین
    • لكنما عیناك باھتتان في الأفق البعید
    • سلمى ……. بماذا تفكرین ؟
    • سلمى  …….بماذا تحلمین؟

يوضح الشاعر في هذه الابيات حالة سلمى الحزينة البائسة وبين الطبيعة، فالسحب تركض وهي خائفة، والشمس ستكون مريضة معصوبة الجبين، ويغطها اللون الاصفر لون الغروب، كما ويهدد بالرحيل عن البحر الهادئ الساكن في الهدوء والوقار، وهن يظهر حالة سلمى النفسية المتعبة والمضطربة والحزينة التي جهلتها حائرة.

  • الشمس … عاصبة الجبين : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشمس بفتاة مريضة معصوبة الرأس من شدة الألم ، وسر جمالها التشخيص ، وهي توحي بالتعب النفسي والقلق  لسلمى .
  • السحب تركض في الفضاء ركض الخائفين : ( تشبيه ) ، حيث شبه ركض السحب في الفضاء بركض الناس الخائفين .
  • السحب تركض : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه السحب بإنسان يجري ويركض  ، وحذف المشبه به وهو ( الإنسان ) ، وذكر صفة من صفاته تدل عليه وهي الركض ، سرجمالها ( التشخيص ) ، وهي توحي بالحيرة  والاضطراب الداخلي والقلق لكل من سلمى والشاعر .
  • المقطع الشعري الثاني :-
    • أرأیت أحلام الطفولة تختفي خلف التخوم ؟
    • أم أبصرت عیناك أشباح الكھولة في الغیوم ؟
    • أم خفت أن یأتي الدُجى الجاني ولا تأتي النجوم ؟
    • أنا لا أري ما تلمحین من المشاھد إنما
    • أظلالھا في ناظریك
    • تنمُ ، یا سلمى ، علیك

هنا يتساءل الشاعر حول ما سر حزن سلمى، ويحتار في نفسه هل هو ذهاب فترة الطفولة بلا رجعة، ام شبح الكهولة الذي يلوح بدون غيوم، ام الخوف من المستقبل، فهذا السواد بدون ضوء يخبر الشاعر ان كل هذه الاشياء مجرد وهم لا وجود له ولا حقيقة له رغم ان عيون سلمى فيها الحزن ويسكنها الياس.

  • المشاهد : ( استعارة تصريحية ) ، حيث شبه الشاعر الأفكار والتخيلات التي تعيشها سلمى بالمشاهد
  • يأتي الدجى الجاني : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر الدجى بالإنسان الجاني ، المعتدي الذي يسلب الناس سعادتهم واملهم بالحياة ، سر جمالها ( التشخيص ) ، وهي توحي بوحشة الليل .
  • أشباح الكهولة : ( تشبيه بليغ ) ،فقد شبه فترة الكهولة بمجموعة الأشباح ، وذلك عن طريق إضافة المشبه به ( أشباح ) إلى المشبه ( الكهولة ) ، وهي توحي بالعجز والضعف والخوف من الشيخوخة .
  • أم أبصرت عیناك أشباح الكھولة في الغيوم : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر الكهولة بأشباح تختفي في الغيوم .
  • أحلام الطفولة : ( تشبيه بليغ ) ، حيث شبه الشاعر الطفولة بالحلم ، وذلك عبر  إضافة المشبه به وهي ( أحلام ) إلى المشبه وهي ( الطفولة ) .
  • أرأیت أحلام الطفولة تختفي خلف التخوم : (استعارة مكنية ) ، فالشاعر يشبه احلام الطفول بالشئ المادي الذي يختفي وراء الحدود، وسر الجمال التجسيم وتوحي بفقدان الامل والياس.
  • المقطع الشعري الثالث :-
    • لتكن حیاتك كلھا أملا جمیلا طیبا
    • ولتملأ الأحلام نفسك في الكھولة و الصبا
    • مثل الكواكب في السماء وكالأزاھر في الربا
    • لیكن بأمر الحب قلبك عالما في ذاته
    • أزهاره لا تذبل
    • و نجومه لا تأفل

في هذه الابيات يدعو فيها الشاعر سلمى الى التفاؤل، وان تكون مليئة بالاحلام الجميلة والامال المفعمة التي تشبه الكواكب المضيئة وسط السماء، وتكون كالازهار الجميلة في الربا، كما ويدعو سلمى ان تملا قلبها بالازهار التي لا تذبل، والنجوم التي تضي السماء وتأفل طيلة الحياة.

  • أزهاره لا تذبل : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر القلب بأرض مليئة بالأزهار التي لا تذبل ، وسر جمالها التوضيح ، وتوحي بالنمو والحياة .
  • قلبك عالما : ( تشبيه بليغ ) ، حيث شبه الشاعر القلب السعيد بالعالم الكبير .
  • بأمر الحب : ( استعارة مكنية ) شبه الحب بالإنسان الذي يأمر ، وسر جمالها التشخيص .
  • مثل الكواكب في السماء وكالأزاهر في الربا : ( تشبيه تمثيلي ) ، حيث شبه روح سلمى المليئة بالأحلام ، بامتلاء الكواكب والربا بالزهور ، وتوحي بالتفاؤل والسعادة .
  • ولتملأ الأحلام نفسك … : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر النفس بالكوب الذي يملأ ، سر جمالها التجسيم .
  • المقطع الشعري الرابع :-
    • مات النھار ابن الصباح ، فلا تقولي كیف مات
    • إنَ التأمل في الحیاة یزید أوجاع الحیاة
    • فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة
    • قد كان وجھك في الضحى مثل الضحى متھللا
    • فیه البشاشة و البھاء
    • لیكن كذلك في المساء

يدعو الشاعر ايليا سلمى للامل والتفاؤل بهذه الحياة، وان تترك التفكير في الالام والهموم، وألا تيأس وتستسلم، كما وينبغى عليها المحافظة على سعادتها طيلة الحياة كما وكانت وهي صغيرة، وعليها ان تقوم باسترجاع ايام الطفولة الجميلة والرائعة، وان ترجع وجهها المشرق كالضحى، فما هو الذي يمنع ان يكون كذلك في المساء وفي كل الاوقات .

  • مات النهار ابن الصباح : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر النهار بإنسان يموت ، وشبهه أيضا بأنه ابن الصباح ، سر جمالها ( التشخيص ) .
  • استرجعي مرح الفتاة : ( استعارة مكنية ) ، حيث شبه الشاعر المرح بأشياء مادية يمكن استرجاعها ، سر جمالها ( التجسيم ) .
  • الضحى : ( استعارة تصريحية ) ، حيث شبه الشاعر صغر السن بالضحى ، وحذف المشبه ( صغر السن ) ، وصرح بالمشبه به وهو ( الضحى ) .
  • كان وجهك في الضحى مثل الضحى : ( تشبيه ) ، حيث شبه الشاعر وجه سلمى في اشراقه وحيويته وجماله بانها صغيرة السن، كما وشبهها بالضحى المشرق الجميل ، وتوحي بالجمال والإشراق .