الجهاد في سبيل الله أمر فرضه الإسلام وتحدّثت به الكثير من الآيات القرآنية وكذلك أحاديث السنة النبوية الشّريفة، وكان سؤال “متى يكون الجهاد فرض عين” واحدًا من الأسئلة التي يطرحها جمهور المسلمين في الأوقات المختلفة والتي على إثرها يستعدون للترعف على الإجابة عن هذا السؤال.
والفقرات التالية تحمِل جواب لسؤال “متى يكون الجهاد فرض عين” ليكُون الأفراد عالمين ومُطّلعين على ما في هذا السؤال من خبايا من وجهة النظر الإسلامية البعيدة عن الجهل والعشوائية في ظل العصر الحديث الذي أصبح فيه الجهاد ضمن أحكام وإلتزامات.
متى يكون الجهاد فرض عين ومت يكون فرض كفاية
بنظرة دينيّة خالصة نهتمّ بإيجَاد التفسير الكامل والخاص للسؤال الذي يتحدث عن الوقت الذي يكون فيه الجهاد فرض عين وفرض كفاية، لنجدُ أنّ الجهاد يكون فرض عين على كل مسلم رجلًا كان أو امرأة، بالغًا أم صبياً في الحالتين الآتيتين، ويُسمى بجهاد الدفع:
- إذا هجم العدو على بقعة من بلاد المسلمين مهما صغرت، وجب على أهل تلك البقعة دفعه وإزالته، فإن لم يستطيعوا وجب على من بقربهم وهكذا، حتى يعمَّ الواجب جميع المسلمين، وليس الُمراد بالبلد، أو البقعة النطاق الجغرافي الرسمي لكل بلد، فبلد الإسلام من شرقه إلى غربه بلد واحد، وأمة الإسلام أمة واحدة، فلو قدر أن بلداً في دولة إسلامية تعرض لغزو وكان محاذياً لبلد في دولة أخرى، لكان الوجوب أسرع إلى البلدة المحاذية منه إلى المدن الأخرى البعيدة.
- إذا أعلن الإمام (الحاكم) النفير العام لزمهم النفير معه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إلَّا قَلِيلٌ) (التوبة: 38)، وقال صلى الله عليه وسلم: (.. وإذا استنفرتم فانفروا) متفق عليه، كما ويصير الجهادفرض عين كذلك على من حضر المعركة، والتقى الصفان أو الجيشان، فإنه من أكبر الكبائر هروب المسلم من ساحة المعركة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات.. وعدّ منها “التولي يوم الزحف) (رواه البخاري).
ويتضح من المنظور الإسلامي أن القتال في سبيل الله هو فرض كفاية على الرجال دون النساء كما نص أهل العلم على ذلك، إلا أن تضطر المرأة للقتال لقلة عدد الرجال، أو لضعفهم وعجزهم عن مدافعة الكافرين ونحو ذلك، فالمرأة لم تحارب إلى جانب الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و إنما كانت تخرج معه فتداوي الجرحى، والمرات التي قاتلت فيها نساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مرات قليلة وحوادث فردية لا عموم فيها، حتى يؤخذ منها ويُعمم عليها على أن النساء حاربن إلى جانب الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد سألت أم المؤمنين عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: نرىالجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: لا، لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور. (رواه البخاري).
كما وفي رواية عن الإمام أحمد: يارسول الله: هل على النساء جهاد؟ قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة. قال ابن بطال: دل حديث عائشة رضي الله عنها على أن الجهاد غير واجب على النساء. وبناءاً على ذلك، فلم يكن يُسهم للنساء من الغنيمة، كما هو الحال بالنسبة للرجل الذي يُسهم له منها، إنما يُرضخ لهن، أي يُعْطَيْن بغير تقدير محدد، والمرجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام، وهو قول أكثر أهل العلم. لِما رَوى مسلم عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة، وأما بسهم فلم يُضرب لهن.