شرح قصيدة الله جارك ان دمعي جاري القصيدة الجميلة والرائعة من الشِّعر العربي لابن نباتة المصري، تلك القصيدة التي تحمل الكثير من المعاني الكبيرة في أبياتها، فقد تميّزت عن غيرها بعدّة أُمور كتوحِيد القافية وبساطة اللغة وتميّزت بلُغتها الفصيحة.

كما وتُعدّ من القصائد المشهورة بسُهولة معانيها ورَوعتها، لهذا يقُوم بعض الطلاب بالبحث عن الشّرح الكامل لمثل هذه القصِيدة، حيثُ أنّها قصيدة من القصائد الكبيرة والتي يتعلّمها الطلاب في المدارس والجامعات، لهذا في مقالنا سوف نقوم بشرح قصيدة الله جارك ان دمعي جاري.

ابن نباتة المصري

هو محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري أبو بكر جمال الدين الذي وُلد وتوفي من 686-768هـ /1287-1366م، الشّاعر الذي يُعدّ مِن شعراء عصره واحِد الكتاب المُترسّلين العلماء بالأدب الذي ولد وتوفى في القاهرة واصله من ميافارقين وهو من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباته، وقد سكن الشام سنة 715هـ، وولى نظارة القمامة بالقدس ايام زيارة النصارى لها، حيثُ كان يتوجه فيباشر ذلك ثم يعود، وقد رجع الى القاهرة سنة 761هـ فكان بها صاحب سر السلطان الناصر حسن، وقد اورد الصلاح الصفدي في الحانه السواجع والمراسلات في نحو 50 صفحة وله ديوان شعر وسرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون وسجع المطوق وغيرها.

شرح قصيدة الله جارك ان دمعي جاري كاملة

نشرح لكم القصِيدة الجميلة قصيدة جارك ان دمعي جاري للشاعر إبن نباته المصري، تلك القصيدة المميزة بمفرداتها ومعانِيها الجذابة السامِقة والمتميّزة في عالمِ الشّعر العربي الفصيح، وهذه القصة المحزنة قالها الشاعر حين كان يرزق بالاولاد وما ان تم ابنه السادسة من عمره يتوفاه الله ورزق بولده الثامن واسماه عبد الرحيم وتجاوز السادسة من عمره فراه فيه امتدادا لوجوده، وما ان بلغ الثامن من عمره توفاه الله ولحقته زوجته وجاريته فلم يتحمل الرجل ما اصابه من كرب وهم فاقام بين القبور ورثاهم بقصائد شديدة الحزن والالم، إليكُم أبيات قصيدة الله جارك ان دمعي جاري.

  •  الله جارك إن دمعي جار ِ **** يا موحش الاوطان والاوطار  .
  • لما سكنت من التراب حديقة **** فاضت عليك العين بالانهار  .
  • شتان ما حالي وحالك: انت في **** غرف الجنان ومهجتي في النار  .
  • خف النجا بك يا بني الى السُرى **** فسبقتني وثقلت بالاوزار  .
  • ليت الردى إذ لم يدعك أهاب بي **** حتى ندوم معا على مضمار .
  •  أبكيكَ ما بكت الحمام هديلها **** وأحن ما حنت الى الاوكار .
  • قالوا : صغير: إن وربما **** كانت به الحسرات غير صغار .
  • وأحق بالاحزان ماضٍ لم يسئ **** بيد ولا لِسنٍ ولا إضمار  .
  • لهفي لغصن راقني بنباته **** لو امهلته التُربُ للاثمار  .
  • سكن الثرى فكأنه سكن الحشى **** من فرط ما شغلت به افكاري .
  • أبني إن تكس التراب فإنه **** غايات أجمعنا , وليس بعار  .
  • ما في زمانك ما يسر مُؤمِلاً **** فاذهب كما ذهب الخيال الساري .
  • لو أن أخباري لديك توصلت **** لبكيت في الجنات من اخباري .
  • نَم وادعا فلقد تقرح ناظري **** سهرا, ونامت أعين السُمار .
  •  أرعى الدجى وكأن ذيل ظلامه  **** متشبث بالنجم  في مِسمار  .

يُوضّح الشاعر إبن نباته الأسى والحُزن الذي لحِق به من فقدان الأبناء والزوجة والجارية، حيث يَقُول في مطلع قصيدته أنّ أبناءه وزوجته وجاريته جيران الله، وهُو دمعه جاره وحين دفنوا في التراب كانت حديقة فاضت عليها العين والنهار، ويظهر الشاعر حزنه المقيت والكبير على من فقَد من أهله وأنّه أصبح في القبور ينادي أهله.