شغفٌ كبير بهذه القصِيدة نجدُه يَمثل على أولويات الاهتمام من قبل الخليجيين، ليتّضح بأن قصيدة غازي القصيبي في الجسر بين المملكة والبحرين واحدة مِن أقوى وأكثَر القصائد أهميّة في تاريخ العلاقات البحرينيّة السعودية، وإنّ اهتمام لا مثيل له يتعرّج على هذا الأمر، ولو سلطنا الضوء قليلًا على العلاقات الثُنائية بين الجارتين لنجد أنّ أهمية كبيرة وتثمِين لدور العلاقات السياسية والدبلوماسية القائمة بين العاصمتين، ومن أجل هذا كانت قصيدة غازي القصيبي في الجسر بين المملكة والبحرين محطّ احتمام نابِع من العلاقات الايجابية بين الجارتين.

قصيدة غازي القصيبي

غازي القصيبي واحد مِن الشُعراء العرب العصرِيين الذين كانَت لهم محطّات واضحة في الحياة العملية التي تخُصّ المدح والغزل بالأشخاص والدول.

درب من العشق لا درب من الحجر

هذا الذي طار بالواحات للجزر

ساق الخيام الى الشطآن فانزلقت

عبر المياه شراع أبيض الخَفَر

ماذا أرى؟ زورق في الماء مندفع

أم أنه جملٌ ما مل من سفر؟

وهذه أغنيات الغوص في أذني

أم الحداةُ شَدَوا بالشعرِ في السَحَرِ

واستيقظت نخلة ٌ وَسنَى تُوَشوشُني

من طوَّقَ النخلَ بالأصداف والدُررِ؟

نسيتُ أين أنا إن الرياض هنا

مع المنامةِ مشغولانِ بالسمَرِ

أم هذه جدةٌ جاءت بأنجُمِهَا

أم المُحَرقُ زارتَنا معَ القَمَرِ

وهذه ضحكاتُ الفجرِ في الخُبرِ

أم الرفاعُ رنت في موسمِ المطرِ

أم أنها مسقط ُ السمراءُ زائرتي

أم أنها الدوحةُ الخضراءُ في قَطَرِ

أم الكويتُ التي حيت فهِمتُ بها؟

أم أنها العينُ كم في العينِ من حَوَرِ؟

بدوٌ وبحارةٌ ما الفرقُ بينهما

والبرُ والبحر ينسابانِ مِنْ مُضَرِ

خليجُ إن حبالَ الله تربطُنَا

فهلْ يقربُنا خيطٌ مِنَ البَشَرِ؟

من هو غازي القصيبي

في أعلَى هذِه الفقرة علمنا القصيدة التي خطّها هذا الشاعر بعد أن تَمّ إفتتاح الجسر الممتد من السعودية ومملكتها إلى المنامة ودولتها، ونشير أن الشاعر هُو غازي عبد الرحمن القصيبي (2 مارس 1940 – 15 أغسطس 2010[2]) شاعر وأديب وسفير دبلوماسي ووزير سعودي، قضى في الأحساء سنوات عمره الأولى ثم انتقل بعدها إلىالمنامة بالبحرين ليدرس فيها مراحل التعليم، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ثُمّ تحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا التي لم يكُن يريد الدراسة بها، بل كان يريد دراسة القانون الدولي في جامعة أخرى من جامعات أمريكا، وبالفعل حصَل على عدد من القبولات في جامعات عدة ولكن لمرض أخيه نبيل اضطر إلى الانتقال إلى جواره والدراسة في جنوب كاليفورنيا وبالتحديد في لوس أنجلوس ولم يجد التخصص المطلوب فيها فاضطرّ إلى دراسة العلاقات الدولية أما الدكتوراة ففي العلاقات الدولية منجامعة لندن والتي كانَت رسالتها فيها حول اليمن كما أوضح ذلك في كتابه حياة في الإدارة.

وقد تولى القصيبي مناصب عدة منها أستاذ مُساعد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود في الرياض 1965 – 1385هـ ومُستشار قانوني في مكاتب استشارية وفي وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة ونال منصِب عميد كلية التجارة بجامعة الملك سعود 1971 – 1391هـ ثم مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية 1973 – 13933 هـ ومن ثم وزير الصناعة والكهرباء 1976 – 1396 هـ وثم وزير الصحة 1982 – 1402هـ فسفير السعودية لدى البحرين 1984 – 1404 هـ ثم سفير السعودية لدى بريطانيا 1992 – 1412هـ فعاد وزير المياه والكهرباء 2003 – 1423هـ ومن ثم وزير العمل 2005 – 1425 هـ، كما مُنح وسام الكويت ذو الوشاح من الطبقة الممتازة عام 1992 ومُنح وسام الملك عبد العزيز وعدداً من الأوسمة الأخرى من دول عربية وعالمية، كما لديه اهتمامات اجتماعية مثل عضويته في جمعية الأطفال المعوقين السعودية حيث كان أحد مؤسسيها وكان عضواً فعالاً في مجالس وهيئات حكومية، وصاحب فكرة تأسيس جمعية الأطفال المعاقين بالمملكة العربية السعودية، كما عمل بلا مُرتب في آخر 30 سنه من حياته حيث تم تحويل مرتباته إلى جمعية الأطفال المعاقين.

هذا وقد ذكره معلمه والأديب عبد الله بن محمد الطائي ضمن الشعراء المجددين في كتابة دراسات عن الخليج العربي قائلاً:«أخط اسم غازي القصيبي وأشعر أن قلبي يقول ها أنت أمام مدخل مدينة المجددين، وأطلقت عليه عندما أصدر ديوانه أشعار من جزائر اللؤلؤ الدم الجديد، وكان فعلاً دماً جديداً سمعناه يهتف بالشعر في الستينيات، ولم يقف، بل سار مصعداً، يجدد في أسلوب شعره، وألفاظه ومواضيعه.» ويعد كتابه حياة في الإدارة أشهر ما نشر له وتناول سيرته الوظيفية وتجربته الإدارية حتى تعيينه سفيراً في لندن، وقد وصل عدد مؤلفاته إلى أكثر من ستين مؤلفاً كما له أشعار متنوعة، وتوفي بعمر السبعين عامًا في يوم الأحد 5 رمضان 1431 هـ الموافق 15 أغسطس 2010 الساعة العاشرة صباحًا في مستشفى الملك فيصل بالرياض.