اختلفَت الآراء وبقى العُلماء يُنقّبون عن تفصِيل واضح لهذه المَسألة والتي تتمثل في سؤال “حكم تقبيل المصحف” الذي نتهيّأ لتوضيحه لحضراتكم من خلال إستحضار أقوال العلماء والشيوخ في هَذه المسألة، ومن المعلُوم أنّ هَذه المسألة من المسائل الدينية التي يجب التمعن فيها والبحث على كُل تفصيلاتها غداة التعرف على جواب شافي وكافي لسؤال ومسألة “حكم تقبيل المصحف”، ومُنذ الأزل تجري العادة على تقبيل المصحف بإختلاف الرؤية، فهناك من يقبله تقبيل احترام وتقدير وهُناك من يقوم على تقديسه بشكل لرُبّما يَصل إلى المبالغة.
حكم تقبيل القران الكريم
العديد من الآراء الدينية بهذه المَسألة باتت واضحة وعليها الكثير من الاهتمَام من جانب الأفراد، فهناك من يقبل المُصحف الشريف بعد كُل قراءة وهناك من يقبله حين يراه، فيما يلي توضيح لكل هَذا وذاك.
فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من فتاوى فهرس الدعوة العدد: 1643
هل يجوز تقبيل القران ؟
الجواب: لا حرج في ذلك لكن تركه أفضل لعدم الدليل، وان قبله فلا بأس، وقد روي عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنة أنه كان يقبله ويقول. هذا كلام ربي “، لكن هذا لا يحفظ عن غيره من الصحابة ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي روايته نظر، لكن لو قبله من باب التعظيم والمحبة لا بأس، ولكن ترك ذلك أولى.
مسألة تقبيل المصحف أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال وُجّه إليها حول الموضوع بالفتوى التالية: لا نعلم لتقبيل الرجل القرآن أصلا . وفي جواب آخر: لا نعلم دليلا على مشروعية تقبيل القرآن الكريم وهو أنزل لتلاوته وتدبره وتعظيمه والعمل به، فتاوى اللجنة الدائمة (رقم4172) .
وجاء في الآداب الشرعية ( 2/273 ط. الرسالة ) لابن مفلح ما نصه:
وعنه ( أي جاء عن الإمام أحمد ) التوقف فيه (أي في تقبيل المصحف) وفي جَعْلِه على عينيه، قال القاضي في الجامع الكبير: إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القُرَب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يُستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف ألا ترى أن عمر لما رأى الحجر قال: لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبَّلتُك .ا.هـ. رواه البخاري (1597) ومسلم (1270).
ما حكم تقبيل المصحف ؟ للعلامة الألباني رحمه الله
سؤال: ما حكم تقبيل المصحف ؟
الجواب: هذا مما يدخل – في اعتقادنا – في عموم الأحاديث التي منها (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)،وفي حديث آخر (كل ضلالة في النار)،فكثير من الناس لهم موقف خاص من مثل هذه الجزئية، يقولون: وماذا في ذلك ؟! ما هو إلا إظهار تبجيل وتعظيم القران، ونحن نقول صدقتم ليس فيه إلا تبجيل وتعظيم القران الكريم ! ولكن تُرى هل هذا التبجيل والتعظيم كان خافياً على الجيل الأول -وهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم- وكذلك أتباعهم وكذلك أتباع التابعين من بعدهم؟ لا شك أن الجواب سيكون كمال قال علماء السلف: لو كان خيراُ لسبقونا إليه.
حكم تقبيل المصحف في الشرع
الشّرع الإسلامي أحلّ الحلال وحرم الحرام، ونحنُ ننقاد لما ألزمتنا به الشريعة الغراء، ولهذا كان الاهتمام في الحديث عَن حُكم التقبيل للقرآن الكريم، فيما يلي تضويح كامل لهذا الأمر.
أجمع غالبية علماء الدين بأن تقبيل القرآن ليس له أي دليل في السنة الشريفة ولا في القرآن الكريم، إذ لم يرد أي حديث نبوي عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يدعو إلى تقبيل المصحف، وهذا يعني أن تقبيله ليس سوى بدعة تعارف الناس عليها وتناقلوها بينهم، من باب تعظيم المصحف وإجلاله ، واحتراماً ومحبة لهذا الكتاب المقدس، إلا أن الشرع لم يوجب هذا التصرف على المسلمين، وفي نفس الوقت لم يصدر أي حكم بتحريم فعله.
كما أن شيوخ دائرة الإفتاء الشرعي أكدوا عدم وجود دليل يشرع تقبيل المصحف، مشيرين إلى أن القرآن أنزل للتلاوة والتدبر والعمل به وليس لغاية التقبيل، وفي فتوى أخرى للشيخ الكبير – ابن باز – حول موضوع تقبيل المصحف، أشار الشيخ أن لا حرج في تقبيله لكن تركه أولى وأفضل لعدم وجود دليل عن النبي – عليه السلام – يدعو إلى ذلك، وإن كان في تقبيله تعظيم وإجلال للكتاب، ولكنه غير مستحب.
وهناك رأي العلامة الألباني – رحمه الله – الذي أكد بأن تقبيل المصحف ما هو إلا بدعة لا بد من الإقلاع عنها لأنه غير ثابت في القرآن والسنة ، و أورد حديث النبي : ” إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة ” … وهذا يعني أنه من الأولى ترك هذا التصرف المبتدع، و يعلل ذلك بقوله : ” لماذا كان تقبيل القرآن بما يحمله من معاني التبجيل والتعظيم خافياً على الجيل الأول -وهم صحابة رسول الله مع أتباعهم وكذلك أتباع التابعين من بعدهم ؟ يكمن الجواب بقول علماء السلف: ” لو كان خيراُ لسبقونا إليه “.