اقوال الرسول عن ضرب النساء، فدينُنا الإسلامي الحنيف هُو دين يحُثّ على الأُلفة والرحمة والمودّة، هذا ووردت الكثير من الآيات القُرآنية والأحاديث النبوية عن ذلك، حيثُ قال تعالى: “وعاشِرُوهُنَّ بالمَعرُوف فإنْ كرِهتُموهُنَّ فعَسى أن تكرهُوا شيئًا ويجعَلُ الله فيه خيرًا كثيرًا”، وقد أوصانا الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بالإحسان للنساء والرفق بهم، والصبر على هَفواتِهم  في أُمور الحياة، حيثُ قال: “استوصُوا بالنساء خيرًا فإنهنّ خُلِقنَ من ضِلعٍ أعوج شئ في الضلع أعلاه فإنْ ذَهبت قيمه كسرته وإن تَركته لم يزل أعوَج فاستوصُوا بالنساء خير” في هذا فهرس نُقدّم بعضًا من اقوال الرسول عن ضرب النساء.

كلام الرسول عن ضرب النساء

في حديث الرسول الذي ذكرناه بمُقدمة هذا المَقال معاني ودلائِل كثير أوّلها تدُل على أنّ الاسلام هُو دين عفو وسماح ومغفِرة، حيثُ وفِي ظِلّ غياب التوجيهات والتعاليم الاسلامية في وقتنا الحالى فإنّ معنى الرجول والقوامة أصبح يُفهم بشكل خاطئ، لذلك نسمع أحيانًا ضرب الأزواج لزوجاتهم، وهذا ما نهانا عنه الرسول صلّى الله عليه وسلم حين قال: “استوصُوا بالنّساء خيرًا”.

  • أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق بالنساء والإحسان إليهن ، والصبر على عوجهن فقال في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: ” اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ” [ البخاري : 4890 – مسلم : 1468]
    وروى مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ ” [ مسلم : 1469 ].
  • وفي حجة الوداع قال صلى الله عليه وسلم : ” اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ” [ مسلم : 1218].
  • وقال صلى الله عليه وسلم: ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”.
    وقال ابن عباس رضي الله عنهما ” إنّي لأُحبّ أن أتزين للمرأة كما أحب أن تزين لي لأن الله عز وجل يقول: (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ )) وما أحب أن أستوفي جميع حقي عليها لأن الله عز وجل يقول: (( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ )) ” . [ رواه البيهقي 7/295].
  • لقد شرع الله سبحانه وتعالى للزوج أن يقوم بتأديب زوجته الناشز بوسائل تأديب محدودة ومحددة من أجل تهذيبها وإصلاحها، وقد سلك القرآن الكريم في علاج نشوز المرأة طريقًا حكيمًا مستورًا، فلم يكُن ضرب الأزواج لزوجاتهم كل العلاج ولا أوله، وإنما كان واحدًا من طرق العلاج بل كان آخرها، قال تعالى: (( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المَضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً )) [النساء: 34]
    ففي الآية الكريمة نص ٌصريح على أنه في حالة نُشُوز الزوجة وعدم طاعتها لزوجها وأداء حقوقه يحق للزوج تأديبها حتى تطيعه ، والتأديب كما حددته الآية الكريمة يتم على ثلاث مراحل:
  • الوعظ، ثُمّ هجر المضجع، ثم الضرب؛ فعلى الزوج أن يبدأ في وعظ زوجته بالرفق واللين وذلك بأن يذكرها بما أوجبه الله عليها من حقوق، ويخوفها من عقاب الله تعالى في حالة أنها عصته ولم تؤد حقوقه؛ فإنْ لم تستجب الزوجة فللزوج الحق في أن يعظها بشيء التعنيف والتهديد.
  • فإذا لن تستجِبْ الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثانية من مراحل التأديب ألا وهي : الهجر في المَضْجع، وجدير بالذكر هنا أنه لا يجوز للزوج أن يهجر بيت الزوجية لحديث حَكِيمِ بن مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ ما حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عليه ؟ قال: ” أَنْ تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ أو اكْتَسَبْتَ ولا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ “.
  • فإذا لن تستجب الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثالثة ألا وهي : الضرب شريطة أن يكون قصد الزوج من ذلك هو تأديب زوجته وتقويمها لا التشفي والانتقام منها، فليس المقصود بالضرب إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها أو أن يكسر ضلعها، أو أن يسبب لها عاهة، وإنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة، فالضرب علاج لمرض، فإذا ذهب المرض فلا حاجة للعلاج أصلاً ، وقد جعل القرآن الكريم الضربَ آخر الوسائل الإصلاحية التي يملكها الرجل وبذلك كان كالدواء الأخير الذي لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة، ويجب ألا يكون الضرب مبرحاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” فاضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضرباً غير مبرح”، وذلك بأن يضربها بسواك أو منديل أو نحوه، وقد سُئل ابن عباس: ما الضرب غير المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به. رواه ابن جرير
  • ويحرم عليه ضرب الوجه ولا يحل له أن يضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال لحديث أَبَي بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ ” [البخاري : 6458 – مسلم : 1708].
  • ولا شك أن الترفع عن الضرب أفضل وأكمل إبقاء للمودة والألفة بين الزوجين، فخيار الرجال لا يضربون نساءهم، ويحضرني هنا قول شريح القاضي رحمه الله تعالى وقد تزوج من امرأة من بني تميم يقال لها زينب:
  • رأيت رجالا يضربون نساءهم — فشلَّـت يميني حين أضرب زينبـا
    أأضربها من غير ذنب أتت به فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا
  • ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فإنه بأبي هو وأمي ما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما ضرب امرأة ولا خادماً قط [ البخاري
  • بل إنّه لما طلب نساؤه منه زيادة النفقة جلس صلى الله عليه وسلم مهموماً غاضباً، فلما دخل عليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ورأوه على هذا الحال وعرفا سبب غضبه صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها، وقام عمر رضي الله عنه إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضربهما.