شرح ابيات قصيدة الخنساء ترثي أخاها، تُعتبر الخنساء واحدة من أبرز الشخصيات النسوية التي كانت في الاسلام في القدم، خصوصاً وأنَّها قدَّمت الكثير من التضحيات من أجل كلمة التوحيد، وهذا الأمر يتجلَّى بشكل كبير في تقديمها أبنائها للجهاد في سبيل الله، وقد فقدت الخنساء أبنائها وزوجها وأخاها في سبيل الله، وهذا الأمر جعلها أكثر قرباً من الله، وعندما فقدتهم شكرت الله على نعمة أن تكون زوجة شهيد وأم شهيد وأُخت شهيد، وهي نعمة كانت في نظرها عظيمة، وهي بالفعل كذلك، وسنتحدث اليوم في السطور القادمة عن شرح ابيات قصيدة الخنساء ترثي أخاها، تابع…

قصيدة الخنساء ترثي أخاها

هذه واحدة من ضمن القصائد التي اشتهرت في تلك الفترة، والتي قالتها الخنساء بعدما استشهد أخاها مُدافعاً عن الحق وعن سبيل الله، حيثُ استطاعت أن تضع الكثير من مشاعر الألم والحزن في قصيدتها، ومزجتها بدموع الحزن والألم والأسى، فقالت:

وقاك الله يا ابنة آل عمـرو
من الفتيان أمثالي ونفس

فلا تلدي ولا ينكحــك مثلـي
إذا ماليلة طرق بنحس

لقد علم المواضع في جمادى
إذا استعجلت عن حزبنهس

بأني لا أبيت بغيــر لحـم
وأبدأ بالأرامل حين أمسي

وأني لا ينادي الحي ضيفـي
ولا جاري يبيت خبيث نفس

إذا عقب القدور تكن ملاء
تحب حلائل الإبرام عرس

واصغر من قداح النبع صلب
غضى الوسم في خرس ولمس

دفعت إلى المضيف إذا استقلوا
على الركبان مطلع كل شمس

فإن أكدى فتامـــكه تـتؤدي
وإن أربى فاني غير نكسي

لمــا رأيت البدر أظلـم كاسفا
أرن شـواذ بطنه وسسوائله

رنينا وما يغني الرنين وقـد أتى
بموتك من نحو القرية حامله

لقد خار مر داسا على الناس قاتله
ولو عاده كناته وحلائلــه

وقلن ألا هل من شفـاء ينــاله
وقد منع الشفاء من هو نائله

وإن كل واد يكره الناس هبطـه
هبطت وماء منهل أنت ناهلة

تركت به ليلا طويـلا ومنـزلا
تعاوى على ظهر الطريق عوا سله

وسبى كآرام العــريم تركتـه
خلال ديار مستكينا عواطله

وعدت عليهم بعد بـؤس بأنعـم
فلكهم تعني به وتواصله

ابكي أبا عمرٍ بعينٍ غزيرة
قليل إذا نام الخليُّ هجودها

يا عين مالك لا تبكين تسكابا
إذ راب دهر وكان الدهر ريَّابا

فابكي أخاك لأيتام وأرملة
وابكي أخاك إذا جاورت أجنابا

وابكي أخاك لخيل كالقطا عصبا
فقدن لما ثوى سيبا وأنهابا

يعدو به سابح نهد مراكله
مجلبب بسواد الليل جلبابا

حتى يصبح أقواما يحاربهم
أو يسلبوا دون صف القوم أسلابا

هو الفتى الكامل الحامي حقيقته
مأوى الضريح إذا ما جاء منتابا

يهدي الرعيل إذا ضاق السبيل بهم
نهد التليل لصعب الأمر ركّابا

المجد حلته والجود علته
والصدق حوزته إنْ قِرْنُهُ هابا

خَطَّابُ مَحْفِلةٍ فّرّاٌج مَظْلِمَةٍ
إن هاب معضلة سَنّيِ لها بابا

حمّال ألويةٍ قطّاع أودية
ج شهاد أندية للوتر طلّابا

ســم العداءة وفكاك العناة إذا
لاقى الوغى لم يكن للموت هيَابا

أرقت ونام عن سهري صحابي
كأن النار مشعلة ثيابي

إذا نجم تَغَوَّرَ كَلَّفَتْني
خَوَالِدُ ما تؤوبُ إلى مآب

فقد خلى أبو أوفى خِلَاًلا
علي فكلها دخلت شعابي

تقول نساء شبت من غير كبرة
وأيسر مما قد لقيت يشيب

قذى بعينيك أم بالعين عوار
أم ذرفت إّذ خلت من أهلها الدار

كأن عيني لذكراه إذا خطرت
فيض يسيل على الخدين مدرار

تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت
ودونه من جديد الترب أستار

تبكي خناس فما تنفك ما عمرت
لها عليه رنين وهي مفتار

تبكي خناس على صخر وحق لها
إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار

تبكي خناسٌ فما تنفك ما عمرت
لها عليه رنين وهي مفتار

أعيني جودا ولا تجمدا
ألا تبكيان لصخر الندى

ألا تبكيان الجريء الجميل
ألا تبكيان الفتى السيدا

طويل النجاد رفيع العماد
ساد عشيرته أمردا

إذا القوم مدُّوا بأيديهم
إلى المجد مدَّ إليه يدا

إن الزمان وما يفني له عجب
أبقى لنا ذنبا واستأصل الرأس

أبقى لنا كل مجهول وفجعنا
بالحالمين فهم هام وأرماس

إن الجديدين في طول اختلافهما
لا يفسدان ولكن يفسد الناس

وإن صخراً لمقدام إذا ركب
وإن صخراً إذا جاعوا لعقّار

أما لعينيك لا تهجع
تبكي لو أن البكا ينفع

يا عين جودي بدمع منك مهراق
إذا هدى الناس أو هموا بإطراق

يا عين جودي بدمع منك مسكوب
كلؤلؤ جال في الأسماط مثقوب

إنني قد علمت وجدك بالحمد
وأخلاقك العُنـاة سماحـا

فـارسٌ يضرب الكتيبة بالسيف
إذا أردف العويل الصياحا

بكت عيني وحق لها العويل
وهاض جناحي الحدث الجليل

وإن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علمٌ في رأسه نارُ

وإن كان صخر الجود أصبح ثاوياً
فقد كان في الدنيا يضر وينفع

أيها الموت لو تجافيت عن صخر
لألفيته نقيا عفيف

عاش خمسين حجة ينكر المنكر
فينا ويبذل المعروفا

فتى السني كهل الحلم لا مسترع
ولا جامد حق اليدين جديب

كل امرئ بأثافي الدهر مرجوم
وكل بيت طويل السمك مهدوم

لا سوقةً منهم يبقى ولا ملكٌ
ممن تملكه الأحرار والروم

شرح ابيات قصيدة الخنساء ترثي أخاها

تقول الخنساء في قصيدتها التي مزجتها كثيراً بدموع الحزن والأسى على اخاها الذي فقدته، فكانت تُشبهه بصور عدة، أبرزها أنها شبهته بالطائر، ثمَّ تقول أنها قد أصابها الحزن على فراق أخاها، ولم تجف الدموع الى الآن، ثم تُوضح أن موت أخاها كان قد اصبها بالحزن الشديد، وشعرت حينها بالضعف الكبير، ثم تمدح بأخاها، فتقول أنه كان سيدهم وسيد قومهم، وأنّهُ يهمُّ الى الحرب والقتال والشجاعة، واذا كان يذهب الى القتال يهزم جيشاً كاملاً، ويجره مذلولاً من ساحات الوغى، وتمدح الخنساء أخاها بالكثير بكل كلمات الشجاعة والاقدام، وتصف أخاها بأوصاف كثيرة مهمة، من ضمنها أيضاً أنَّهُ أفضل رجال القبيلة ولا أحد يُمكنه هزيمته، وهو أيضاً يُساعد الجميع.

 

والى هنا فقد وصلنا الى نهاية مقالتنا هذه التي كنا قد تطرقنا للحديث حولها عن شرح ابيات قصيدة الخنساء ترثي أخاها.