صحة حديث من بلغ الاربعين ولم يغلب خيره شره، فمن المعلوم أنَّ السنَّة النبوية الشريفة تمتلئ بالأحاديث النبوية عن النبي محمد -صلَّ الله عليه وسلَّم- وهي كثيرة جداً، وربُما تكاد هذه الأحاديث الشريفة الى أن تُلخّص كل شيء فيما يتعلَّق بالدين الاسلامي من أحكام شرعية، وأحكام فقه، وتفسير أحلام، وأخبار تتعلَّق بآخر الزمان، وغيره الكثير من الأمور التي ظهرت في الأحاديث النبوية، وجاءت السنة النبوية لتفسير القرآن الكريم، الأمر الذي جعل علماء الدين الاسلامي يلجؤون الى الأحاديث النبوية عن النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم- من أجل تفسير العديد من الآيات القرآنية كمصدر أساسي من أجل التفسير.
حديث اذا بلغ العبد أربعين
الكل يعلم أنَّ هناك العديد من الأحاديث التي يقول الكثير أنَّها وُرِدت عن النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم-، مثل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّار) أخرجه الأزدي في ترجمة بارح بن عبد الله بن مالك الهروي بسنده وصولاً إلى ابن عباس رفعه، وهو ما وردت عليه الكثير من التساؤلات التي تسأل حول صحَّة الحديث خصوصاً من طلاب العلم، والذين يدرسون الشريعة الاسلامية، فتجدهم يبحثون كثيراً في كتب الأحاديث والسّيرة، وما هي درجة الحديث من حيثُ الصحَّة، وهل يوجد أحدٌ في سند هذا الحديث من هو على باطل في قول هذا الحديث؟ أم أنَّ سلسلة الرواة صحيحة بالكامل؟ وهذا أيضاً ما سنتحدَّث عنه ونُوضّحهُ عبر موضوعنا الذي يتعلَّق بصحة حديث من بلغ الاربعين ولم يغلب خيره شره.
صحة حديث اذا بلغ العبد أربعين
يقول الكثير من علماء الدين الاسلامي الافاضل والمُختصين بالسيرة النبوية الشريف وعلماء الحديث أنَّ الحديث الذي نسبه الكثيرين الى النبي محمد -صلَّ الله عليه وسلَّم- (اذا بلغ العبد أربعين) فهو من الأحاديث التي كان للعلماء دور كبير في تبيانها وتوضيحها للناس أجمعين منعاً لأن يكون هناك أي لبس في الموضوع، كما وكانت لهم عدة آراء حوله، ومن هذه الآراء:
- قال ابن الجوزي: هذا حديث غير صحيح، ولا يصحّ عن النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم-.
- وقال بارح: أنَّ هذا الحديث هو حديث ضعيف جداً، ولذك بسبب الضعف الواقع على سلسلة الرواة.
- وقال جويير: أجمع العلماء على ترك هذا الحديث بشكل كامل، عدم الأخذ به.
- قال الامام أحمد: يجب أن لا يُشتَغَل بهذا الحديث.
حول حديث اذا بلغ العبد أربعين
حيثُ قال الكثير من العلماء أنَّ هذا الحديث لم يُعرف فيه أي سند صحيح من سلسلة الرواة، وبالرجوع الى المعنى الحقيقي في السنة النبوية ومقارنتها بهذه الحديث الذي بين أيدينا، فسنجد أنَّ الحديث فيه مشكلة، أي أنَّهُ لم يرد عن النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم- أي معنى يُدلّل على أن هذا الحديث صحيح وأنَّهُ يحمل المعنى الدقيق والصحيح عن النبي، وعليه فوجب على كل من اتّبع هذا الكلام الذ نُسب الى النبي أن يُراجع نفسه ويتوب الى الله، وأن لا يقربه بعد ذلك كي لا يقع في المعصية، فقال النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم: ” من كَذَبَ عليَّ ُتعمّدا، فليتبوأ مقعدَهُ من النار”، فنسأل الله السلامة والعافية.
وعليه فانَّ اجماع غالبية العلماء على تركه وعدم الأخذ به هي مسألة مهمة، فوجب علنا جميعاً أن نتركه ولا نأخذ به لا معنى ولا مضمون، تجنُّباً الخطأ الذي يُخيّم فيه اما أن يكون في معناه أو في سلسلة الرواة الذاكرين لهذا الحديث، حيثُ أنَّ النبي -صلَّ الله عليه وسلَّم- لا ينطقُ عن الهوى.