إن هذا التفسير كما ورد في عدد من التفاسير عن القرآن الكريم وقد ذكرت هذه القصص في القرآن الكريم من أجل أخذ العظة والموعظة من الأمم والشعوب السابقة كما أيضا لتوضح لنا معاناة الرسل والمرسلين والتحديات التي واجهتهم في فترة مسيرهم من أجل نشر الدعوة الإسلامية والحفاظ على الدين الإسلامي من الضياع والتحريف والتغير التي كانو أدعاء الاسلام ينون فعلهم بسبب كبرهم وتكذيبهم لايات الله التي أنزلها على رسله وعباده المصطفين والأخيار ولكن الله حفظ هذا الكتاب العظيم وهذا الدين الحنيف من التغير والتحريف لانه الوحيد الخالد إلى يوم تقع الواقعة.
تفسير فأقذفيه في اليم
و كما رد في القرأن في سورة طه بالتحديد “أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي”
معنى فإقذفيه في اليم تفسير القرطبي
وهذا تفسير فإقذفيه في اليم حسب ما فسره القرطبي وهو من المفسرين الصحيحين كما قام بتفسير العديد من الآيات الأخرى.
قوله تعالى { قال قد أوتيت سؤلك يا موسى} لما سأله شرح الصدر، وتيسير الأمر إلى ما ذكر، أجاب سؤله، وأتاه طلبته ومرغوبه. والسؤل الطلبة؛ فعل بمعنى مفعول، كقولك خبز بمعنى مخبوز وأكل بمعنى مأكول. وقوله تعالى { ولقد مننا عليك مرة أخرى} أي قبل هذه، وهي حفظه سبحانه له من شر الأعداء في الابتداء؛ وذلك حين الذبح. والله أعلم. والمن الإحسان والإفضال. وقوله { ذ أوحينا إلى أمك ما يوحى} قيل { أوحينا} ألهمنا وقيل : أوحى إليها في النوم. وقال ابن عباس : أوحى إليها كما أوحى إلى النبيين. { أن اقذفيه في التابوت} قال مقاتل : مؤمن آل فرعون هو الذي صنع التابوت ونجره وكان اسمه حزقيل. وكان التابوت من جميز. { فاقذفيه في اليم} أي اطرحيه في البحر : نهر النيل. { فاقذفيه} قال الفراء { فاقذفيه في اليم} أمر وفيه معنى المجازاة. أي اقذفيه يلقه اليم. وكذا قوله { اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت : 12]. { يأخذه عدو لي وعدو له} يعني فرعون؛ فاتخذت تابوتا، وجعلت فيه نطعا ووضعت فيه موسى، وقيرت رأسه وخصاصه يعني شقوقه ثم ألقته في النيل، وكان يشرع منه نهر كبير في دار فرعون، فساقه الله في ذلك النهر إلى دار فرعون. وروي أنها جعلت في التابوت قطنا محلوجا، فوضعته فيه وقيرته وجصصته، ثم ألقته في اليم. وكان يشرع منه إلى بستان فرعون نهر كبير، فبينا هو جالس على رأس بركة مع آسية، إذا بالتابوت، فأمر به فأخرج، ففتح فإذا صبي أصبح الناس، فأحبه عدو الله حبا شديدا لا يتمالك أن يصبر عنه. وظاهر القرآن يدل على أن البحر ألقاه بساحله وهو شاطئه، فرأى فرعون التابوت بالساحل فأمر بأخذه. ويحتمل أن يكون إلقاء اليم بموضع من الساحل، فيه فوهة نهر فرعون، ثم أداه النهر إلى حيث البركة. والله أعلم. وقيل : وجدته ابنة فرعون وكان بها برص، فلما فتحت التابوت شفيت. وروي أنهم حين التقطوا التابوت عالجوا فتحه فلم يقدروا عليه، وعالجوا كسره فأعياهم، فدنت آسية فرأت في جوف التابوت نورا فعالجته ففتحته، فإذا صبي نوره بين عينيه، وهو يمص إبهامه لبنا فأحبوه. وكانت لفرعون بنت برصاء، وقال له الأطباء : لا تبرأ إلا من قبل البحر يوجد فيه شبه إنسان دواؤها ريقه؛ فلطخت البرصاء برصها بريقه فبرئت. وقيل : لما نظرت إلى وجهه برئت. والله أعلم. وقيل : وجدته جوار لامرأة فرعون، فلما نظر إليه فرعون فرأى صبيا من أصبح الناس وجها، فأحبه فرعون. فذلك قوله تعالى { وألقيت عليك محبة مني} قال ابن عباس : أحبه الله وحببه إلى خلقه. وقال ابن عطية : جعل عليه مسحة من جمال لا يكاد يصبر عنه من رآه. وقال قتادة : كانت في عيني موسى ملاحة ما رآه أحد إلا أحبه وعشقه. وقال عكرمة : المعنى جعلت في حسنا وملاحة فلا يراك أحد إلا أحبك. وقال الطبري : المعنى ألقيت عليك رحمتي. وقال ابن زيد : جعلت من رآك أحبك حتى أحبك فرعون فسلمت من شره، وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك. { ولتصنع على عيني} قال ابن عباس : يريد أن ذلك بعيني حيث جعلت في التابوت، وحيث ألقي التابوت في البحر، وحيث التقطك جواري امرأة فرعون؛ فأردن أن يفتحن التابوت لينظرن ما فيه، فقالت منهن واحدة : لا تفتحنه حتى تأتين به سيدتكن فهو أحظى لكن عندها، وأجدر بألا تتهمكن بأنكن وجدتن فيه شيئا فأخذتموه لأنفسكن. وكانت امرأة فرعون لا تشرب من الماء إلا ما استقينه أولئك الجواري فذهبن بالتابوت إليها مغلقا، فلما فتحته رأت صبيا لم ير مثله قط؛ وألقي عليها محبته فأخذته فدخلت به على فرعون، فقالت له : [القصص : 9] { قرة عين لي ولك} قال لها فرعون : أما لك فنعم، وأما لي فلا. فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لو أن فرعون قال نعم هو قرة عين لي ولك لآمن وصدق) فقالت : هبه لي ولا تقتله؛ فوهبه لها. وقيل { ولتصنع على عيني} أي تربى وتغذى على مرأى مني؛ قاله قتادة. قال النحاس : وذلك معروف في اللغة؛ يقال : صنعت الفرس وأصنعت إذا أحسنت القيام عليه. والمعنى { ولتصنع على عيني} فعلت ذلك. وقيل : اللام متعلقة بما بعدها من قوله { إذ تمشي أختك} على التقديم والتأخير فـ { إذ} ظرف { لتصنع} . وقيل : الواو في { ولتصنع { زائدة. وقرأ ابن القعقاع { ولتصنع { بإسكان اللام على الأمر، وظاهره للمخاطب والمأمور غائب. وقرأ أبو نهيك { ولتصنع} بفتح التاء. والمعنى ولتكون حركتك وتصرفك بمشيئي وعلى عين مني. ذكره المهدوي.