قبل الولوج في “الرحمن على العرش استوى ماذا قال الامام مالك عن الاستواء” نؤكد أنه وفي الدين الإسلامي الحنيف مائة واربعة عشر سورة من القرآن الكريم تم إحتواءها في كتاب يسمى  “القرآن الكريم” وهو الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على نبيه الأطهر محمد ابن عبدالله عليه من الله أعز الصلاة وأتم التسليم، وفي ظلال تلك الصور العديد من الآيات المحكمات اللواتي يتحدث عن أمور كثيرة، كان من بينها أمور الجنة والنار والعبادات وأوصاف الله عز وجل وصفاته وأسمائه وما إلى ذلك من أشياء، هنا نقدم تفاصيل “الرحمن على العرش استوى ماذا قال الامام مالك عن الاستواء”

ماذا قال الامام مالك عن الاستواء

الامام مالك من الأئمة الأربعة الذين لهم باع وذراع طويل جداً في سياق ونسق الحياة والمسيرة الدينية الطويلة، وفيما يلي ننقل لكم نص التفسير كما ورد في الأثر الكريم.

“ثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه الحافظ البيهقي في كتابه “الأسماء والصفات”، بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “الفتح” من طريق عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }كما وصف نفسه، ولا يقال كيفَ وكَيْفَ عنه مرفوعٌ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأخرج الرجل.اهـ

فقول الإمام مالك: “وكيف عنه مرفوع” أي ليس استواؤه على العرش كيفا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس ونحوه. وقوله:” أنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه”، وذلك لأن الرجل سأله بقوله كيف استواؤه، ولو كان الذي حصل مجرد سؤال عن معنى هذه الآية مع اعتقاد أنها لا تؤخذ على ظاهرها ما كان اعترض عليه.

قال المحدث الشيخ سلامة القضاعي العزامي [1376هـ] -من علماء الأزهر- عن قول مالك لذاك الرجل “صاحب بدعة”: لأن سؤاله عن كيفية الاستواء يدل على أنه فهم الاستواء على معناه الظاهر الحسي الذي هو من قبيل تمكن جسم على جسم واستقراره عليه، وإنما شك في كيفية هذا الاستقرار. فسأل عنها، وهذا هو التشبيه بعينه الذي أشار إليه الإمام بالبدعة.اهـ

وروى الحافظ البيهقي من طريق يحيى بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، فكيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج.اهـ

قوله:”الاستواء غير مجهول” أي أنه معلوم وروده في القرءان، ولا يعني أنه بمعنى الجلوس ولكن كيفية الجلوس مجهولة، كما زعم بعض المجسمة، وقوله: “والكيف غير معقول” معناه أن الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل، لكونه من صفات الخلق، لأن الجلوس لا يصح إلا من ذي أعضاء أي كأليةٍ وركبةٍ، وتعالى الله عن ذلك، فلا معنى لقول المشبهة: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة، يقصدون بذلك أن الاستواء الجلوس لكن

كيفية جلوسه غير معلومة، لأن الجلوس كيفما كان لا يكون إلا بأعضاء، وهؤلاء يوهمون الناس أن هذا مراد مالك رضي الله عنه. فلا يُغترّ بتمويهاتهم.

قال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح “الإحياء” ما نصه: “وقال ابن اللبان في تفسير قول مالك، قوله :”كيف غير معقول” أي كيف من صفات الحوادث، وكل ما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات الله تعالى ينافي ما يقتضيه العقل، فيجزم بنفيه عن الله تعالى، قوله: “والاستواء غير مجهول” أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة، “والإيمان به” على الوجه اللائق به تعالى “واجب” لأنه من الإيمان بالله وبكتبه” اهـ.

فنفي الكيف عن الله تعالى أي الهيئة وكل ما كان من صفات الخلق، كالجلوس والاستقرار والحركة والسكون وما شابه ذلك، محل اتفاق بين علماء أهل السنة والجماعة سلفا وخلفا.

قال الإمام التـرمذي[279 هـ] في سننه: والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بـها ولا يقال كيف.اهـ

وروى الحافظ البيهقي في كتابه الاعتقاد عن الوليد بن مسلم، قال: سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيفية.اهـ ثم قال البيهقي: وتكييفه يقتضي تشبيها له بخلقه في أوصاف الحدث.اهـ

ونقل الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وشعبة وشريك وأبي عوانة وغيرهم، أنهم نَفَوْا عن الله تعالى الكيف.اهـ

أي ليس كما تدعي المجسمة أن السلف يثبتون لله كيفية أي هيئة لكن غير معلومة لنا. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا

وسبحان الله والحمد لله رب العالمين”