أول من حفظ القرآن من النساء، لم يقتصِر حفظ القرآن الكريم على الرجال فقط، بل شاركت في حفظعه العديد من النساء ، منهن من كانت تحفظه كله مثل حفصة وعائشة وأم ورقة وأم سلمى، ومنهن من كانت تحفظ بعضه.

كان القرآن الكريم هو قطب الرحى ومحور الإرتكاز، في حلقات ومنابر العلم التي كان يجتمع فيها صحابة رسول الله مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالقرآن الكريم من يرجع إلى الدعوة لله تبارك وتعالى، ومعرفته والتعرف على أحكامه وطرق عبادته، وما نهى عنه وأمر به، حيث تكفل الله سبحانه وتعالى بتثبيت القرآن في صدر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان النبي يحض صحابته على حفظ كتاب الله والمواظبة على قراءته حتى لا ينسوه.

توالى اهتمام النساء بكتاب الله تبارك وتعالى واتخذت هذه العناية أشكالا وصوراً شتى تدل على تعلق النساء بكتاب الله عز وجل والرغبة في حفظه وتحفيظه، وبذل الغالي والنفيس من أجل ذلك، ومن مظاهر ذلك بناء النساء المساجد والمدارس وإنفاقهن على قراءة القرآن وحفظه واحتضان النساء لتحفيظهن القرآن من ذلك ما روي أن زبيدة بنت جعفر المنصور العباسي كانت شديدة العناية بالقرآن الكريم، وكانت لها مائة جارية يحفظن القرآن الكريم، ولكل واحدة ورد عشر القرآن وكان يسمع في قصرها كدوي النحل من قراءة القرآن.

أما عناية النساء بعد عصر الصحابة في حفظ القرآن الكريم، فقد كان أمرا متداولا وخاصة لدى العلماء، الذين كانوا يحرصون على تحفيظ بناتهن القرآن الكريم ومنهن من كانت تحفظه في سن صغيرة.

منهن حفصة بنت سيرين الفقيهة الأنصارية، روي عن إياس بن معاوية قال : “ما أدركت أحدا أفضله عليها، وقال قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وذكروا له الحسن وابن سيرين فقال : أما أنا فلا أفضل عليها أحدا

قال الإمام السيوطي: ظفرت بإمرأة من الصحابيات جمعت القرآن لم يعدها أحد ممن تكلم في ذلك، فأخرج ابن سعد في الطبقات قال: أنبأنا الفضل بن دكين، حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع، قال حدثتني جدتي عن أم ورقة بنت عبد الله ابن الحارث، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غزا بدرا قالت له: أتأذن لي، فأخرج معك أداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم، لعل الله يهدي لي شهادة، قال: “إن الله مهد لك شهادة” وكان رسول الله أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن فغمها غلام لها وجارية كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة عمر رضي الله عنه، فقال عمر: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقول: “انطلقوا بنا نزور الشهيدة” فأكرم بها من مسلمة حافظة.