خطبة مكتوبة عن الاسراء والمعراج للشيخ محمد حسان الدَّاعية المشهُور والذي له نِسبة كبيرة من الجَماهير المُتابعين والمُحبّين لخطبه الجميلة، لهذا نَرى كثير من خطباء المساجد يبحثون عن  خطب الشيخ حسان من أجل تفريغها نصيًا والقِيام بخطبتها في خطب الجمعة او خطب في المواسم والمناسبات الاسلامية، فالخطب الاسلامية فيها الكثير من العِبر والعظات التي لها فائدة عَظيمة للمسلمين، لهذا اخترنا لكُم افضل خطبة مكتوبة عن الاسراء والمعراج للشيخ محمد حسان مفرغة بشكلٍ نصي.

افضل خطبة عن الاسراء والمعراج للشيخ محمد حسان

تعد معجزة الإسراء والمعراج من أهمّ المُعجزات العظيمة التي أكرم الله بها نبيّه صلى الله عليه وسلم وقد أعلى الله شأن سيدنا محمد بها، وكانت هذه الرحلة تخفيفًا لآلام الرسول صلّى الله عليه وسَلّم وحُزنه وما لاقاه من قومه من إعراض وأذى، ويجب العلم ان رحلة الاسراء والمعراج ووقعت يقظة لا مناما، وكان بجسده وروحه عليه السلام.

وهذا النص الكامل لخطبة الاسراء والمعراج للشيخ محمد حسان :

بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين. فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور وطبتم جميعاً أيها الآباء وأيها الإخوة الأعزاء وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني وإياكم في هذا البيت العامر على طاعته، أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك: (في ظلال الإسراء والمعراج)، وحديثي معكم سوف يتركز في العناصر التالية: أولاً: تاريخ وتحقيق. ثانياً: ولماذا الإسراء؟! ثالثاً: الأقصى الجريح. رابعاً: المعراج إلى السماوات العلى. وأخيراً: دروس وعبر من الأحداث. فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان.

  • اختلاف العلماء في تحديد زمن الإسراء
    أولاً: تأريخ وتحقيق: لقد اعتاد المسلمون -إلا من رحم الله جل وعلا من المحققين- أن يحتفلوا بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، احتفالاً باهتاً بارداً لا يليق بمقام المصطفى صلى الله عليه وسلم. لقد اعتقد الكثيرون أن الإسراء كان في ليلة السابع والعشرين، والتحقيق أن العلماء قد اختلفوا اختلافاً كبيراً في يوم الإسراء، بل في شهر الإسراء، بل في سنة الإسراء!! قال السدي : كان الإسراء في شهر ذي القعدة. قال الزهري : كان الإسراء في شهر ربيع الأول. قال ابن عبد البر : كان الإسراء في شهر رجب. قال النووي: كان الإسراء في شهر رجب. قال الواقدي : كان الإسراء في شهر شوال. وفى قول آخر قال: كان في شهر رمضان. وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بستة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بتسعة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة وستة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير، ومن ثم فإن اليوم والشهر والعام للإسراء لا يعلمه إلا الله. والتحديد للإسراء بيوم وشهر ضرب من المجازفة والتخمين، ولا دليل عليه من كلام الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، وربما يسمع الآن كثير من آبائي هذا الكلام ويعجب ويقول: كيف.. وقد احتفلنا السنوات الماضية بالإسراء ليلة السابع والعشرين؟! أقول: لو احتفل المصطفى وأصحابه والتابعون من بعد الأصحاب بذكرى الإسراء ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في كل عام لعلم ذلك لنا ولنقل إلينا بالتواتر، فلما لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والأتباع من بعدهم بذكرى الإسراء، وجب علينا أن يسعنا ما وسع هؤلاء الكرام. فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، والتحقيق أن الإسراء كان بعد البعثة وقبل الهجرة من مكة زادها الله تشريفاً، وكان إلى المسجد الأقصى الجريح -خلَّصَه الله من أيدي إخوان القردة والخنازير- ثم من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى كما سأفصل الآن بحول الله وقوته.
  • ماذا الإسراء؟
    ثانياً: ولماذا الإسراء؟ وللجواب على هذا السؤال: قصة! إنها قصة طفل طهور كالربيع!! إنها قصة طفل كريم كالنسيم!! إنها قصة طفل نشأ في مكة في بيئة تصنع الحجارة بأيديها، وتسجد لها من دون الله جل وعلا! بل كان الواحد منهم يصنع إلهه من خشب، أو من نحاس، أو حتى من حلوى أو من تمر! فإذا ما عبث الجوع ببطنه قام ليدس هذا الإله الرخيص في جوفه ليذهب عن نفسه شدة الجوع! في هذه البيئة نشأ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فاحتقر هذه الأصنام، وأشفق على أصحاب هذه العقول، فترك هذه البيئة الشركية وانطلق بعيداً إلى قمة جبل النور.. إلى غار حراء؛ ليقضى ليله ونهاره في التأمل والتفكر والتدبر والتضرع. وفى ليلة كريمة يخشع الكون، وتصمت أنفاس المخلوقات، ويتنزل جبريل أمين وحي السماء لأول مرة على المصطفى صلى الله عليه وسلم على قمة جبل النور، ليضم الحبيب المصطفى ضمة شديدة وهو يقول له: (اقرأ) والحبيب يقول: ما أنا بقارئ، وجبريل يقول: (اقرأ) والمصطفى يقول: ما أنا بقارئ، وفى الثالثة: غطَّه حتى بلغ منه الجهد، وقال للحبيب: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5] وانطلق الحبيب بهذه الآيات وفؤاده يرتجف، وفرائصه ترتعد، وجوارحه تضطرب، حتى وصل إلى السكن.. إلى رمز الوفاء.. إلى سكن سيد الأنبياء.. إلى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها. وصل إلى هذه الزوجة العاقلة الصالحة التي استحقت أن يسلم عليها ملك الملوك من فوق سبع سماوات، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة : (أن جبريل نزل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فرأى خديجة وهي تقبل على المصطفى، وتحمل إناءً فيه إدام من طعام أو شراب، فقال جبريل: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت، فإن هي أقبلت فأقرئها السلام من ربها). عش مع هذا بقلبك وكيانك ووجدانك وجوارحك! امرأة تستحق أن يسلم عليها الملك من فوق سبع سموات! إن عبداً من العبيد لو أن هيئة مشبوهة قد كرمته ومنحته جائزة مشبوهة، من أجل تفوقه العفن النتن في مجال الفكر -زعموا- حيث لا أدب ولا فكر، فإنه يرفع على الأعناق وتشير إليه الأصابع، ويحتفى به على أعلى المستويات في هذه الأمة المسكينة التي خدعت على أيدي هؤلاء الذين انطلقوا ليقودوا الأمة على حين غفلة من أهل القيادة والريادة في هذه الأمة! (وأقرئها السلام من ربها ومني -أي: ومن جبريل- وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب، فلما أقبلت خديجة بَشَّرَهَا المصطفى بهذه البشارة وقال يا خديجة : ربك يقرئك السلام وجبريل يقرئك السلام!! -فماذا قالت خديجة البليغة العاقلة العالمة؟ هل قالت: وعلى الله السلام أم ماذا؟ قالت: إن الله هو السلام ومنه السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته). خديجة، عاد إليها النبي صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، وهو يقول: زملوني.. زملوني.. غطوني دفئوني، ضعوا علي الأغطية، فاستجابت خديجة ، حتى استيقظ الحبيب وقد هدأت نفسه، واستقرت جوارحه، وقال: (والله لقد خشيت على نفسي يا خديجة ، وقص عليه، فبشرته بهذه الكلمة الطيبة وقالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبداً) … إلى آخر ما ذكرت، والحديث رواه البخاري وهو حديث طويل.
  • وتبدأ رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
    ورد في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أنه صلى الله عليه وآله وسلم: (حينما قال له أبو ذر : يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ فقال الحبيب المصطفى: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما، قال أربعون سنة، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فالأرض كلها مسجد). وكما في الحديث الآخر واللفظ لـمسلم من حديث أنس : (أتيت بالبراق) وبكل أسف قرأنا عن البراق هذا، وسمعنا ما يستحي الإنسان أن يردده الآن في أمة ينبغي أن تحترم علمها وقرآنها ونبيها وعقلها. سمعنا أن له عرفاً كالديك، وأن له أجنحة.. وأن.. وأن.. وأن..! البراق بنص الحديث الصحيح، قال عنه المصطفى: (دابة) وحدد النبي لونه فقال: (أبيض) وحدد صفته، فقال: (فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه) له سرعة مذهلة! وقف الحافظ ابن حجر عند قوله: (البراق) فقال: البراق من البريق. أي: من اللمعان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدد لونه بالبياض، وقال: البراق من البرق، والبرق ضوء. وهذا هذا هو البراق أيها الأحباب! وورد عند الترمذي، والإمام أحمد في المسند، وعبد الرازق في مصنفه، والبيهقي في السنن من حديث أنس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انطلق ليركب البراق استصعب عليه، فقال جبريل للبراق: ما حملك على هذا؟ والله ما ركبك أحد من خلق الله أكرم على الله منه -أي: من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم-)، والحديث رواه أحمد والترمذي وعبد الرزاق في المصنف والبيهقي في السنن وهو صحيح على شرط الشيخين. ركب النبي صلى الله عليه وسلم البراق وانطلق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في هذه الرحلة الجميلة وعنصر الإعجاز في رحلة الإسراء الأرضية هو الزمن، إذ كيف انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المسجد الأقصى في زمن قليل؟! وهذا الذي أنكره المشركون في مكة، فقالوا: نضرب لها أكباد الإبل شهراً من مكة إلى بلاد الشام، وأنت تقول: بأنك انطلقت من مكة إلى المسجد الأقصى إلى السماوات العلى وعدت في جزء من الليل! يقول الله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء:1] و(ليلاً) عند علماء اللغة، أي: في جزء من الليل ولم يقل: ليلة، ولنقل إن الإسراء قد استغرق ليلة بكاملها لا، بل استغرق جزءاً من الليل: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]. وختمت الآية بقوله تعالى: (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) وكان من السياق: (إنه على كل شىء قدير)، (إنه عزيز حكيم) ليظهر عظمته وقدرته، وإنما قال (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أي: الذي سمع قول قومك لك، ورأى فعل قومك بك فأراد أن يكرمك وأن يشرفك. والإسراء معجزة ليست تأييداً للدعوة وإنما هي تأييد في المقام الأول لصاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم. أيها الأحباب! إننا أمام معجزة فريدة، ليست تأييداً للدعوة بقدر ما هي تأييد لصاحب الدعوة، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ويمكنكم من خلال هذا المستند تحميل الخطبة كاملة للشيخ محمد حسان عن الاسراء والمعراج والتي تعد من افضل الخطب الاسلامية المشهورة .